فِضَّةً، وَلَكِنَّ الدَّارَ تُكْرَى بِسِتِّينَ نِصْفَ فِضَّةٍ مَثَلًا فَالْمَنْفَعَةُ الَّتِي تُقَابِلُ الثَّلَاثِينَ الْأُخْرَى يُقَالُ لَهَا خُلُوٌّ، وَإِذَا اشْتَرَكَ فِي الْبِنَاءِ الْمَذْكُورِ جَمَاعَةٌ وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ بَيْعَ حِصَّتِهِ فِي الْبِنَاءِ فَلِشُرَكَائِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِذَا حَصَلَ خَلَلٌ فِي الْبِنَاءِ فَفِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ الْإِصْلَاحُ عَلَى النَّاظِرِ وَصَاحِبِ الْخُلُوِّ عَلَى قَدْرِ مَا لِكُلٍّ وَفِي الْأَخِيرَةِ عَلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَحْدَهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْخُلُوَّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ لَا مِنْ مِلْكِ الِانْتِفَاعِ إذْ مَالِكُ الِانْتِفَاعِ يَنْتَفِعُ بِنَفْسِهِ فَقَطْ، وَلَا يُؤَجِّرُ، وَلَا يَهَبُ، وَلَا يُعِيرُ وَمَالِكُ الْمَنْفَعَةِ لَهُ تِلْكَ الثَّلَاثَةُ مَعَ انْتِفَاعِهِ بِنَفْسِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَالِكَ الِانْتِفَاعِ يَقْصِدُ ذَاتَه مَعَ وَصْفِهِ كَإِمَامٍ وَخَطِيبٍ وَمُدَرِّسٍ وُقِفَ عَلَيْهِ بِالْوَصْفِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ مَالِك الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الِانْتِفَاعُ بِالذَّاتِ بِأَيِّ مُنْتَفَعٍ كَمُسْتَعِيرٍ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ إعَارَتِهِ، ثُمَّ إنَّ مَنْ مَلَكَ الِانْتِفَاعَ وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهُ وَيَأْخُذُهُ الْغَيْرُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِهِ وَالْخُلُوُّ مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فَلِذَلِكَ يُورَثُ وَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُشَاهَرَةً وَالْإِجَارَةُ لِغَيْرِهِ فَلِذَلِكَ قَالَ الْأُجْهُورِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْعُرْفَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ أَنَّ الْأَحْكَامَ مُسْتَمِرَّةٌ لِلْأَبَدِ، وَإِنْ عُيِّنَ فِيهَا وَقْتُ الْإِجَارَةِ مُدَّةً فَهُمْ لَا يَقْصِدُونَ خُصُوصَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَالْعُرْفُ عِنْدَنَا كَالشَّرْطِ فَمَنْ احْتَكَرَ أَرْضًا مُدَّةً وَمَضَتْ فَلَهُ أَنْ يَبْقَى وَلَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَمْرُ الْأَرْضِ إخْرَاجُهُ نَعَمْ إنْ حَصَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَصْرِ عَلَى زَمَنِ الْإِجَارَةِ لَا عَلَى الْأَبَدِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ نَحْوُ: إنَّ مُدَّةَ الِاحْتِكَارِ كَذَا وَكَذَا.
(تَنْبِيهٌ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْخُلُوَّ اسْمٌ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي جَعَلَ فِي مُقَابَلَتِهَا الدَّرَاهِمَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَقْفَ الْأُجْرَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأُجْهُورِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَمُخَالَفَةُ الْأُجْهُورِيِّ لِغَيْرِهِ إنَّمَا هِيَ فِي وَقْفِ الْمَنْفَعَةِ وَالْحَقُّ مَعَ غَيْرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ بَعْضُهَا مَوْقُوفٌ وَبَعْضُهَا غَيْرُ مَوْقُوفٍ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْخُلُوِّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ أَمَّا إنْ كَانَ لِذِمِّيٍّ خُلُوٌّ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَقْفِهِ عَلَى كَنِيسَةٍ مَثَلًا قَطْعًا بِالْعَقْلِ وَالنَّقْلِ هَذِهِ عِبَارَةُ الْحَاشِيَةِ وَقَوْلُهُ بِالْعَقْلِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ الْأَصْلِيَّ حَامِلٌ لِمَنْفَعَةِ الْخُلُوِّ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَحْمِلَ الْمَسْجِدَ لِلْكَنِيسَةِ وَالنَّقْلُ النُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ إذْلَالُ الْكُفْرِ وَهَذَا يُنَافِيهِ وَمَا نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ مِنْ أَنَّ وَقْفَ الْأُجْرَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي وَقْفِ الْمَنْفَعَةِ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأُجْرَةَ نَاشِئَةٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْأُجْهُورِيِّ مِنْ تَأْبِيدِ الْحِكْرِ وَلَوْ ذُكِرَ أَجَلٌ كَسِتِّينَ سَنَةً يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ضَرْبَ الْأَجَلِ عَلَى هَذَا يَصِيرُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ ضَرَبَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْمَقْبُوضِ وَمَعَهُ تَأْبِيدُ الْحِكْرِ فَتَكُونُ الدَّرَاهِمُ عُجِّلَتْ فِي نَظِيرِ شَيْئَيْنِ: الْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ وَالتَّأْبِيدُ بِالْحِكْرِ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ الْخُلُوَّ رُبَّمَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْجَدَكُ الْمُتَعَارَفُ فِي حَوَانِيتِ مِصْرَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ الْخُلُوُّ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْفِ لِمَصْلَحَةٍ وَهَذَا يَكُونُ فِي الْمِلْكِ قِيلَ لَهُ إذَا صَحَّ فِي وَقْفٍ فَالْمِلْكُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَفْعَلُ فِي مِلْكِهِ مَا يَشَاءُ نَعَمْ بَعْضُ الْجَدَكَاتِ بِنَاءٌ أَوْ إصْلَاحُ أَخْشَابٍ فِي الْحَانُوتِ مَثَلًا بِإِذْنٍ وَهَذَا قِيَاسُهُ عَلَى الْخُلُوِّ ظَاهِرٌ خُصُوصًا وَقَدْ اسْتَنَدُوا فِي تَأْبِيدِ الْحِكْرِ لِلْعُرْفِ وَالْعُرْفُ حَاصِلٌ فِي الْجَدَكِ وَبَعْضُ الْجَدَكَاتِ وَضْعُ أُمُورٍ مُسْتَقِلَّةٍ فِي الْمَكَانِ غَيْرُ مُسْتَمِرَّةٍ فِيهِ كَمَا يَقَعُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَحَوَانِيتِ الْقَهْوَةِ بِمِصْرَ فَهَذِهِ بَعِيدَةٌ عَنْ الْخَلَوَاتِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمَالِكِ إخْرَاجُهَا وَكَتَبَ عَبْدُ اللَّهِ مَا نَصُّهُ: قَدْ أَفْتَى شَيْخُنَا عَبْدُ الْبَاقِي بِإِبْطَالِ وَقْفِ الْخُلُوِّ فَرَاجَعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute