لِلسُّقُوطِ وَأَنَّهُ يَضُرُّ بِحِيطَانِ الْجِيرَانِ الْمُشْتَرِكَةِ مَعَهُ مِنْ جِيرَانٍ الرِّبَاطِ إضْرَارًا بَيِّنًا وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلِّهِ وَأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلرِّبَاطَةِ مَا يُسَدَّدُ بِهِ بِنَاؤُهُ فَأَجَابَ يَسُوغُ بَيْعُ الطِّرَازِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَيُعَوَّضُ بِثَمَنِهِ لِلْحَبْسِ مَا يَكُونُ لَهُ أَنْفَعُ، وَإِنْ وُجِدَ مَنْ يُنَاقِلُ بِهِ بِرَبْعٍ آخَرَ لِلْحَبْسِ فَهُوَ حَسَنٌ إنْ أَمْكَنَ قَالَهُ فَرَجٌ انْتَهَى.
وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ ابْنُ عَاتٍ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَحَبْسُ الْمَسَاكِينِ يَكُونُ فِي الْبَلَدِ فَتَيْبَسُ أَشْجَارُهُ وَيُقْحَطُ لِحَبْسِ الْمَاءِ عَنْهُ يَرَى الْقَاضِي فِيهِ رَأْيَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ كِرَاءٍ مَا رَآهُ فِيهَا وَعَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ أَرَى أَنْ يُبَاعَ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الْحَالِ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ وَكَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُحْرَثُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ بَيْعَهُ وَيَدْخُلُ فِي غَيْرِهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَجَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِبَيْعِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ مِنْهَا، وَوَقَعَتْ مَسَائِلُ عِنْدَنَا بِتُونُسَ.
مِنْهَا فُنْدُقُ ابْنِ يَعْطَاسَ تَهَدَّمَ فَأَفْتَى شَيْخُنَا الْإِمَامُ يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ أَنَّهُ تُبَاعُ أَنْقَاضُهُ وَيُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ دَارًا وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ وَحَكَمَ بِهَذِهِ الْفَتْوَى قَاضِي الْجَمَاعَةِ وَحَقَّ لَهُ ذَلِكَ. وَمِنْهَا دَارٌ خَرِبَتْ مِنْ دُورِ مَدْرَسَةِ الْقَنْطَرَةِ فَأَفْتَى فِيهَا شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْمَذْكُورُ بِبَيْعِهَا فَبِيعَتْ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا رَسْمًا فِي الْغَابَةِ بِتُونُسَ وَظَاهِرُ فَتَاوَى الْأَنْدَلُسِيِّينَ يَقْتَضِي إبَاحَةَ الْبَيْعِ وَيُسْتَبْدَلُ بِهَا مَا هُوَ أَعْوَدُ بِالْمَنْفَعَةِ انْتَهَى. كَلَامُ الْبُرْزُلِيِّ بِلَفْظِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي وَثَائِقِهِ أَيْضًا وَنَصَّهُ.
وَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ قَالَ الْفَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ فِي حَبْسِ الْمَسَاكِينِ يَكُونُ فِي الْبَلَدِ فَتَيْبَسُ أَشْجَارُهُ وَيُقْحَطُ بِحَبْسِ الْمَاءِ عَنْهُ فَقَالَ يَرَى الْقَاضِي فِيهِ رَأْيَهُ فِي بَيْعٍ أَوْ شَرِكَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ أَرَى أَنْ يُبَاعَ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الْحَالَةِ قَالَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ وَكَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُحْرَثُ وَحْدَهُ، وَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ بَيْعَهُ وَإِدْخَالَ ثَمَنِهِ فِي غَيْرِهِ قَالَ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَجَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِبَيْعِ مَا لَا نَفْعَ فِيهِ مِنْهَا انْتَهَى. وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ مَسْلَمَةَ بِالشَّرِكَةِ فِي قَوْلِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ شَرِكَةٍ مَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ فِي الْمَوْضِعِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُحْرَثُ وَحْدَهُ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيَدْخُلُ فِي غَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَتْ غَلَّةُ الْحَبْسِ لَا تَفِي بِنَفَقَتِهِ وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي أَنْ يُنْظَرَ فَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ لَا ثَمَنَ لَهُ رُدَّ لِمُحْبِسِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ يَبْلُغُ مَا يُشْتَرَى بِهِ مَا فِيهِ نَفْعٌ وَلَوْ قَلَّ بِيعَ وَاشْتُرِيَ بِثَمَنِهِ ذَلِكَ.
، ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَفَقَتَهُ مِنْ فَائِدَتِهِ فَإِنْ عَجَزَتْ بِيعَ وَعُوِّضَ بِثَمَنِهِ مَا هُوَ مِنْ نَوْعِهِ فَإِنْ عَجَزَ صُرِفَ فِي مَصْرِفِهِ انْتَهَى.
فَتَحْصُلُ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ أَنَّ فِي الْعَقَارِ الْمَوْقُوفِ إذَا انْقَطَعَتْ مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا سَوَاءٌ كَانَ فِي مَدِينَةٍ أَوْ بَعِيدًا مِنْ الْعُمْرَانِ لِمَالِكٍ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ الْمَنْعُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَالثَّانِي الْجَوَازُ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي حَاوِيهِ وَقَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَقْلِ الْبُرْزُلِيِّ وَبِهِ وَقَعَتْ الْفَتْوَى وَالْحُكْمُ وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ بْنُ لُبٍّ إنَّهُ الصَّحِيحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ إنَّهُ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَوَجَّهَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ بِمَا نَصُّهُ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ الْمَنْعِ أَنَّ الْوَقْفَ إزَالَةُ مِلْكٍ لَا إلَى مِلْكٍ فَإِذَا كَانَ فِيمَا لَا ضَرَرَ فِي تَبْقِيَتِهِ فَلَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ اعْتِبَارًا بِهِ إذَا لَمْ يَخْرُبْ وَبِذَلِكَ فَارَقَ الْحَيَوَانَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي تَبَقَّيْته ضَرَرًا إذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ، وَإِنْ أَجَبْنَا بِالتَّسْوِيَةِ قُلْنَا؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ بِسَبَبٍ يَمْنَعُ الْبَيْعَ مَعَ السَّلَامَةِ فَوَجَبَ أَنْ يُمْنَعَ فِيهِ مَعَ التَّغَيُّرِ كَالْعِتْقِ وَتَزِيدُ بِالْإِزَالَةِ فِي الْفَرْعِ الْمَانِعِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ انْتِفَاعُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِمَنْفَعَتِهِ فَلَوْ أَجَزْنَا بَيْعَهُ لَخَالَفْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute