عَامِلَةٍ، وَلَا لَازِمَةٍ وَلِلْأُخْتِ أَوْ وَرَائِهَا اسْتِرْجَاعُهَا وَسَوَاءٌ اسْتَحْفَظَتْ بِذَلِكَ شَهَادَةً أَمْ لَا قَالَ ابْنُ هِلَالٍ مَا أَجَابَ بِهِ شَيْخُنَا الْفَقِيهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ لِلنَّوَوِيِّ حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَسْأَلَةِ فَوْقَهُ صَحِيحٌ وَبِهِ أَقُولُ وَأَخَذَ ذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصَايَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ مَنْ أَوْصَى فِي مَرَضِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ فَأَجَازَ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَهُمْ الْمَيِّتُ أَوْ طَلَبَهُمْ إلَى تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ وَقَالَ مَا نَصُّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأُخْتَ إذَا سَكَتَتْ وَتَرَكَتْ مِيرَاثَهَا لِأَخِيهَا سِنِينَ أَوْ تَصَدَّقَتْ عَلَيْهِ بِطَلَبِ ذَلِكَ مِنْهَا أَنَّ لَهَا الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ قَالَ، وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا تَقُولُ لَوْ طَلَبْت ذَلِكَ مِنْهُ لَقَطَعَنِي وَمَنَعَنِي رِفْدَهُ وَلَمْ يَكُفَّ عَنِّي ظُلْمَ زَوْجِي اهـ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَا نَقَلَ الْقَلْشَانِيُّ فِي بَابِ الْوَصَايَا مِنْ شَرْحِهِ عَلَى الرِّسَالَةِ كَلَامَ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْمَذْكُورِ مُسَلَّمًا.
(وَفِي نَوَازِلِ الْمَازِرِيِّ) وَسُئِلَ بَعْضُ فُقَهَاءِ بِلَادِنَا عَمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ قَوْمٍ مِنْ عَدَمِ تَوْرِيثِ الْبَنَاتِ فَمَنْ مَاتَ وَخَلَفَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ أَوْ إخْوَةً وَأَخَوَاتٍ فَلَا يُوَرِّثُونَ بِنْتًا، وَلَا أُخْتًا وَمَنْ طَلَبَتْ مِنْهُنَّ مِيرَاثَهَا وَأَبْرَزَتْ وَجْهَهَا وَعَزَمَتْ عَلَى أَخْذِ حَقِّهَا اجْتَمَعَ مَشَايِخُهُمْ وَذُو الْوَجَاهَةِ مِنْهُمْ وَجُمْهُورُهُمْ فَيُكَلِّمُونَهَا بِذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا مِنْهَا إلَّا الصُّلْحَ قَالُوا لَهَا اصْطَلِحِي مَعَ أَخِيك بِكَذَا مِنْ الْيَسِيرِ فَمَا تَرَى فِي هَذَا؟
(فَأَجَابَ) هَذَا وَأَمْثَالُهُ مِمَّا ثَبَتَ خِلَافُهُ فِي الشَّرِيعَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا ذُكِرَ فَهِبَةُ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ وَلَهُنَّ الرُّجُوعُ فِي حَيَاتِهِنَّ وَلِوَرَثَتِهِنَّ الْقِيَامُ بَعْدَ مَمَاتِهِنَّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَارِثِهِ وَلَوْ امْتَنَعْنَ مِنْ الْهِبَةِ لَأَوْجَبَ ذَلِكَ اسْتِهَانَتَهُنَّ وَالْغَضَبَ عَلَيْهِنَّ وَقَطْعَ مَتْنِهِنَّ فَإِذَا شَهِدَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فَلَا حِيَازَةَ عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُنَّ مَقْهُورَاتٌ مَغْلُوبَاتٌ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُنَّ فِيهِ بِمَا يَدَّعِينَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَجَالَّاتِ ذَوَاتِ الْأَوْلَادِ وَغَيْرِهِنَّ هَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ عُيُونِ الْأَدِلَّةِ فِي بَابِ هِبَةِ الْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَذَكَرَهَا أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُنْتَقَى فِي بَابِ هِبَةِ الْقَرَابَةِ وَبِذَلِكَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ لِوُجُودِ الْحَيَاءِ وَالْحِشْمَةِ وَيُقَالُ سَيْفُ الْحَيَاءِ أَقْطَعُ مِنْ سَيْفِ الْجَوَى ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ فِي آخِرِ بَابِ أَصْنَافِ الْمُغْتَرِّينَ مِنْ كِتَابِ الْإِحْيَاءِ انْتَهَى. قُلْت وَمِنْ الْإِكْرَاهِ الَّذِي تُعْذَرُ بِهِ الْمَرْأَةُ وَيَكُونُ لَهَا الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَتْ إذَا مُنِعَتْ مِنْ التَّزْوِيجِ قَالَ صَاحِبُ الْمُغَارَسَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُهَذَّبِ الْغَالِبُ فِي أَوْقَاتِنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ تُعْطِي لِوَلِيِّهَا أَبًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ تَتْرُكُ مَالَهَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْحُقُوقِ عِنْدَ مَنْعِهَا مِنْ النِّكَاحِ فَتَتْرُكُ حَقَّهَا لِكَيْ يَأْذَنَ لَهَا فِي التَّزْوِيجِ وَتَشْهَدُ لَهُ بِالرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ فَذَلِكَ كُلُّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِمَا وَهَبَتْ أَوْ تَرَكَتْ أَوْ مُطَالَبَةُ وَارِثِهِ إنْ مَاتَ إلَّا أَنْ طَيَّبَتْ لَهُ ذَلِكَ وَسَوَّغَتْهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ قَادِحٍ اهـ.
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ هِلَالٍ سُئِلَ عَنْ يَتِيمَةٍ عَضَلهَا وَلِيُّهَا عَنْ التَّزْوِيجِ حَتَّى أَعْطَتْهُ إرْثَهَا مِنْ أَبُوهَا فَأَجَابَ هِبَةُ الْمَحْجُورَةِ مَرْدُودَةٌ بَاطِلَةٌ فَكَيْفَ، وَهِيَ إنَّمَا كَانَتْ لِيَتْرُكَهَا تَتَزَوَّجَ فَلَهَا اسْتِرْجَاعُ كُلِّ مَا وَهَبَتْ مَتَى وَجَدَتْ لِذَلِكَ سَبِيلًا، وَلَا يَحِلُّ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ذَلِكَ بَلْ يَلْزَمُهُ رَدُّ الْغَلَّةِ انْتَهَى. الْغَرَضُ مِنْهُ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هِبَةَ الْأَخَوَاتِ مَعَ ثُبُوتِ الْعَادَةِ بِأَنَّهُنَّ لَا يَرِثْنَ غَيْرُ لَازِمَةٍ، وَأَنَّ حَقَّهُنَّ لَا يَبْطُلُ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالْهِبَةِ مِنْهُنَّ فَعَدَمُ بُطْلَانِهِ بِمُجَرَّدِ السُّكُوتِ مِنْهُنَّ وَالْأَخُ يَتَصَرَّفُ مِنْ بَابِ أَوْلَى فَلَهُنَّ الرُّجُوعُ بِنَصِيبِهِنَّ مِنْ الْأَصْلِ وَفِي الرُّجُوعِ بِالْغَلَّةِ خِلَافٌ قَالَ فِي نَوَازِلِ الْبُيُوعِ مِنْ الْمِعْيَارِ وَسُئِلَ أَبُو عِمْرَانَ عَنْ أَخٍ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي مَوْرُوثِ أُخْتِهِ دَهْرًا طَوِيلًا، وَهِيَ حَاضِرَةٌ عَالِمَةٌ سَاكِنَةٌ إلَى أَنْ تُوُفِّيَا فَقَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute