بِحَضْرَتِهِمْ وَأَمَرَهُمْ الْخَالُ بِالْخُرُوجِ فَخَرَجُوا وَاخْتَلَى بِهِ وَسَارَرَهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّ خَالَهُ أَوْصَاهُ بِوَصِيَّةٍ مِنْهَا إخْرَاجُ أَرْبَعِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا أَوْ أَرْبَعِينَ رِيَالًا شَكَّ الشَّاهِدُ فِيهِمَا لِطُولِ الْعَهْدِ زَكَاةً مُنْكَسِرَةً عَلَيْهِ وَشَهِدَ عَلَى ابْنِ الْأُخْتِ أَخُوهُ بِأَنَّهُ قَالَ لَهُ حِينَ قُدُومِهِ مِنْ الْحَجِّ بَعْدَ مَوْتِ خَالِهِ أَخْبَرَنِي خَالِي بِأَنَّهُ أَعْطَاك كَذَا وَكَذَا مِثْقَالًا لِي وَلَك مِنْ حَقِّنَا الَّذِي عَلَيْهِ وَأَنَّ عِنْدَك أَمَانَةً أَوْصَانِي بِتَفْرِيقِهَا لِعَشَائِهِ فَقُلْت لَهُ نَعَمْ فَقَالَ لِي لَا تُظْهِرْهَا لِأَحَدٍ حَتَّى نَسْتَفْتِيَ الْعُلَمَاءَ عَنْهَا وَبِأَنَّهُ قَالَ لَهُ نَظَرْت عِنْدَ خَالِي فِي وُعَاةِ النُّخَالَةِ صُرَّتَيْ ذَهَبٍ فِيهِمَا تَذْكِرَةٌ بِخَطِّك مَكْتُوبٌ فِيهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِثْقَالًا وَقَالَ ابْنُ الْأُخْتِ لِوَارِثِ خَالِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنَّ عِنْدَكُمَا أَلْفًا وَمِائَتَيْ مِثْقَالٍ ذَهَبًا وَإِنْ لَمْ أُبَيِّنْهُمْ فَبِرَأْسِي فَهَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَهَذَا الْقَوْلُ يُوجِبُ الْغُرْمَ عَلَى ابْنِ الْأُخْتِ لِظُهُورِ خِيَانَتِهِ وَبَيَانِ الْأَلْفِ وَمِائَتَيْ الْمِثْقَالِ إمَّا عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ أَوْ غُرْمَ الصُّرَّتَيْنِ فَقَطْ أَوْ لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ غُرْمَ شَيْءٍ أَصْلًا أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ هَذِهِ الشَّهَادَاتُ وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يُوجِبُ عَلَى ابْنِ الْأُخْتِ غُرْمَ شَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورِ أَصْلًا أَمَّا شَهَادَةُ الْعَتِيقَةِ وَالرَّجُلِ وَالْحُرَّةِ فَإِنَّمَا هِيَ بِدُخُولٍ وَخَلْوَةٍ وَمُسَارَرَةٍ لَا بِمُعَايَنَةِ أَخْذِ شَيْءٍ وَلَا بِإِقْرَارٍ بِهِ وَالدُّخُولُ وَالْخَلْوَةُ وَالْمُسَارَرَةُ لَا تَسْتَلْزِمُ أَخْذَ شَيْءٍ وَلَا اشْتِغَالَ الذِّمَّةِ بِهِ فَلَا تُوجِبُ عَلَيْهِ غُرْمَ شَيْءٍ أَصْلًا، وَأَمَّا شَهَادَةُ الرَّجُلِ الْآخَرِ فَإِنَّمَا هِيَ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ خَالَهُ أَوْصَاهُ وَصِيَّةً مِنْهَا إخْرَاجُ الْقَدْرِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ لِتَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ لَا عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ مَالَ خَالِهِ عِنْدَهُ لَا كُلَّهُ وَلَا بَعْضَهُ مَعَ اعْتِرَافِ الشَّاهِدِ عَلَى نَفْسِهِ بِالنِّسْيَانِ وَعَدَمِ الضَّبْطِ فَلَا تُوجِبُ عَلَيْهِ غُرْمَ شَيْءٍ أَصْلًا أَيْضًا، وَأَمَّا شَهَادَةُ أَخِيهِ فَإِنَّمَا هِيَ بِقَوْلِهِ خَالِي أَخْبَرَنِي بِأَنَّهُ أَعْطَاك وَأَنَّ عِنْدَك أَمَانَةً وَنَظَرْت عِنْدَ خَالِي كَذَا فِي كَذَا لَا بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّ خَالِي أَعْطَانِي وَأَنَّ عِنْدِي لَهُ أَمَانَةً وَأَنَّ عِنْدِي صُرَّتَيْنِ لِخَالِي فَلَا تُوجِبُ غُرْمَ شَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورِ أَصْلًا عَلَى ابْنِ الْأُخْتِ نَعَمْ الْأَخُ الشَّاهِدُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ فَيُؤَاخَذُ بِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ لِلْوَارِثِ إنَّ عِنْدَكُمَا إلَخْ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ إقْرَارِ الْقَائِلِ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ عَنَدَهُ لَهُمَا أَوْ بِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ عِنْدَ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ أَوْ اخْتِلَاسٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ بِنَحْوِ أَمَانَةٍ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ أَوْ بَيَانُ مَنْ هُوَ عَنَدَهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الرَّمْيِ بِالْمَالِ وَالِاتِّهَامِ بِهِ لِيَسْمَعَ النَّاسُ وَالْحُكَّامُ الْجَائِرُونَ فَيُكْثِرُونَ عَلَيْهِمْ الْجَرَائِمَ وَالْمَغَارِمَ فَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ غُرْمَ شَيْءٍ أَصْلًا.
(مَا قَوْلُكُمْ) فِي مَدِينٍ غَائِبٍ غَيْبَةً بَعِيدَةً أَوْ مُتَوَسِّطَةً قَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَطْلُبُهُ فَهَلْ يَسُوغُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِهِ فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ عَقَارًا كَانَ أَوْ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا وَمَا مِقْدَارُ الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْمُتَوَسِّطَةِ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟
فَأَجَبْت بِمَا نَصُّهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ الْغَائِبُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ قَرِيبُ الْغَيْبَةِ عَلَى مَسَافَةِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَحُكْمُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُسْمِعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فِي كُلِّ شَيْءٍ وَالْبَيِّنَةَ وَتَزْكِيَتَهَا ثُمَّ يَكْتُبُ إلَيْهِ ذَلِكَ وَيَعْذُرُ إلَيْهِ فَإِمَّا أَنْ يَقْدُمَ وَإِمَّا أَنْ يُوَكِّلَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَعَرْضِهِ وَأَخْذِ نَقْدِهِ فِي الدَّيْنِ وَبِاسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ وَالْعَرْضِ وَبِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَجَمِيعِ الْحُقُوقِ وَإِذَا قَدِمَ فَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: مُتَوَسِّطُ الْغَيْبَةِ عَلَى مَسَافَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute