للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ أَيْضًا وَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ إلَّا فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ وَالْكَتْبِ إلَيْهِ.

وَالثَّالِثُ: بَعِيدُ الْغَيْبَةِ عَلَى مَسَافَةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَكْتُبُ إلَيْهِ وَإِذَا قَدِمَ فَهُوَ عَلَى حُجَّتِهِ.

وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الطَّرِيقُ مَخُوفَةً فَحُكْمُهُ وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ كَحُكْمِ مَنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ وَمَا قَرُبَ مِنْ كُلٍّ يُعْطَى حُكْمُهُ وَالْمُسْتَوِي بَيْنَ مَسَافَتَيْنِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا بَعْدَهُ هَذَا كُلُّهُ فِي غَائِبٍ لَهُ مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ كَفِيلٍ أَوْ مُتَوَطِّنٍ بِعَمَلِ الْقَاضِي الَّذِي رُفِعَ أَمْرُهُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ سَمَاعُ الدَّعْوَى وَلَا الْحُكْمُ عَلَيْهِ بَلْ تُنْقَلُ الشَّهَادَةُ لِلْقَاضِي الَّذِي هُوَ فِي عِلْمِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْحُكْمُ عَلَى الْغَائِبِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا: غَائِبٌ قَرِيبُ الْغَيْبَةِ عَلَى مَسِيرَةِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَهَذَا يُكْتَبُ إلَيْهِ وَيُعْذَرُ إلَيْهِ فِي كُلِّ حَقٍّ فَإِمَّا قَدِمَ وَإِمَّا وَكَّلَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حُكِمَ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ وَبِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ مِنْ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْعُرُوضِ وَالْأُصُولِ وَجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يُرْجَى لَهُ حُجَّةٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَالثَّانِي غَائِبٌ بَعِيدُ الْغَيْبَةِ عَلَى مَسِيرَةِ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَشِبْهِهَا فَهَذَا يَحْكُمُ عَلَيْهِ فِيمَا عَدَا اسْتِحْقَاقِ الرِّبَاعِ وَالْأُصُولِ مِنْ الدُّيُونِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَلَا يُرْجَى لَهُ حُجَّةٌ فِي ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ فِي هَذَا إنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ مِنْ الْأُصُولِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُرْجَى لَهُ حُجَّةٌ وَيُوَكَّلُ إلَيْهِ وَكِيلٌ يُعْذَرُ إلَيْهِ وَالصَّوَابُ إرْجَاءُ الْحُجَّةِ إذْ قَدْ لَا يَعْرِفُ الْوَكِيلُ حُجَّتَهُ فَإِرْجَاءُ الْحُجَّةِ أَحْوَطُ، وَالثَّالِثُ غَائِبٌ مُنْقَطِعُ الْغَيْبَةِ مِثْلُ مَكَّةَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ وَالْمَدِينَةِ مِنْ الْأَنْدَلُسِ وَخُرَاسَانَ فَهَذَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِي كُلٍّ مِنْ الدُّيُونِ وَالْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ وَغَيْرِهَا وَتُرْجَى لَهُ الْحُجَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا مَعَ الْأَمْنِ وَالطَّرِيقِ الْمَسْلُوكَةِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الطَّرِيقُ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ وَلَا مَسْلُوكَةٍ فَيُحْكَمُ عَلَى الْغَائِبِ فِيهَا وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَتُرْجَى لَهُ وَمَنْ خَلْفِ الْبَحْرِ بِالْجِوَارِ الْقَرِيبِ الْمَأْمُونِ كَالْبِرِّ الْوَاحِدِ إلَّا فِي الزَّمَنِ الَّذِي يُمْنَعُ رُكُوبُهُ فِيهِ فَيَكُونُ لِلْقَرِيبِ فِيهِ حُكْمُ الْبَعِيدِ هَذَا الَّذِي أَرَاهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - نَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ وَقَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْقَرِيبُ كَالْحَاضِرِ قَالَ الْخَرَشِيُّ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ وَتَزْكِيَتُهَا الْحُكْمَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْبَعِيدُ جِدًّا كَإِفْرِيقِيَّةَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِيَمِينِ الْقَضَاءِ قَالَ الْخَرَشِيُّ يَعْنِي مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ دَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا لَكِنْ يَحْلِفُ الطَّالِبُ يَمِينَ الْقَضَاءِ الَّتِي لَا يَتِمُّ الْحُكْمُ إلَّا بِهَا بِأَنَّهُ مَا أَبْرَأَ وَلَا أَحَالَ وَلَا وَكَّلَ فِيهِ وَلَا فِي بَعْضِهِ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْعَشَرَةُ أَوْ الْيَوْمَانِ مَعَ الْخَوْفِ يُقْضَى عَلَيْهِ مَعَهَا فِي غَيْرِ اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ قَالَ الْخَرَشِيُّ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَأَمَّا فِي بَيْعِ الْعَقَارِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بَيِّنَةً أَنَّهَا عَادِمَةُ النَّفَقَةِ أَوْ أَرْبَابُ الدُّيُونِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَقَارِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَتَشَاحُّ فِيهِ النُّفُوسُ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ لِيَكُونَ أَقْطَعَ لِلنِّزَاعِ قَالَ الْعَدَوِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا يُسْمِعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ بِمَوْضِعِ الْحُكْمِ مَالٌ أَوْ وَكِيلٌ أَوْ حَمِيلٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَلَّ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بَلْ عَلَى بَلَدٍ خَاصٍّ وَالْمُرَادُ الَّذِي سَافَرَ لِمَحِلٍّ انْقَطَعَ لَا الَّذِي سَافَرَ لِيَرْجِعَ فَهَذَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَمَحِلُّ يَمِينِ الْقَضَاءِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، وَأَمَّا إنْ شَهِدَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِأَنَّ الْغَائِبَ كَأَنْ أَقَرَّ أَنَّ عِنْدَهُ لِفُلَانٍ كَذَا فَلَا يُحْتَاجُ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَارَبَ الْمُتَوَسِّطَ وَالْقَرِيبَ يُعْطَى حُكْمَ كُلٍّ وَمَا قَارَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>