للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا شَكَّ فِي الْحَدِيثِ تَرَكَهُ أَلْبَتَّةَ فَلَا يُحَدِّثُ بِهِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ قَرْنِهِمْ بَلْ مِنْ الْقَرْنِ الثَّانِي فَمَا بَالُك بِهِمْ وَهُمْ خَيْرُ الْخِيَارِ وَوَصْفُهُمْ فِي الْحِفْظِ وَالضَّبْطِ لَا يُمْكِنُ الْإِحَاطَةُ بِهِ وَلَا يَصِلُ إلَيْهِ أَحَدٌ فَجَزَاهُمْ اللَّهُ عَنْ أُمَّةِ نَبِيِّهِمْ خَيْرًا لَقَدْ أَخْلَصُوا لِلَّهِ تَعَالَى الدَّعْوَةَ وَذَبُّوا عَنْ دِينِهِ بِالْحَمِيَّةِ.

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَأَسِّيًا فَلْيَتَأَسَّ بِأَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَبَرَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ قُلُوبًا وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا وَأَقْوَمَهَا هَدْيًا وَأَحْسَنَهَا حَالًا اخْتَارَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِقَامَةِ دِينِهِ فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ وَاتَّبِعُوهُمْ فِي آثَارِهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهَدْيِ الْمُسْتَقِيمِ اهـ.

وَقَالَ الْعَارِفُ الشَّعْرَانِيُّ فَصْلٌ فِي بَيَانِ اسْتِحَالَةِ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِ الْمُجْتَهِدِينَ عَنْ الشَّرِيعَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ بَنَوْا قَوَاعِدَ مَذَاهِبِهِمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ الَّتِي هِيَ أَعْلَى مَرْتَبَتَيْ الشَّرِيعَةِ كَمَا بَنَوْا عَلَى ظَاهِرِ الشَّرِيعَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَأَنَّهُمْ كَانُوا عَالِمِينَ بِالْحَقِيقَةِ أَيْضًا لَا كَمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ الْمُقَلِّدِينَ فِيهِمْ فَكَيْفَ يَصِحُّ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِهِمْ عَنْ الشَّرِيعَةِ وَمَنْ نَازَعَنَا فِي ذَلِكَ فَهُوَ جَاهِلٌ بِمَقَامِ الْأَئِمَّةِ فَوَاَللَّهِ لَقَدْ كَانُوا عُلَمَاءَ بِالْحَقِيقَةِ وَالشَّرِيعَةِ مَعًا وَأَنَّ فِي قُدْرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَنْشُرَ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَمَذْهَبِ غَيْرِهِ بِحُكْمِ مَرْتَبَتَيْ الْمِيزَانِ فَلَا يَحْتَاجُ أَحَدٌ بَعْدَهُ إلَى النَّظَرِ فِي أَقْوَالِ مَذْهَبٍ آخَرَ لَكِنَّهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَانُوا أَهْلَ إنْصَافٍ وَأَهْلَ كَشْفٍ فَكَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّ الْأَمْرَ يَسْتَقِرُّ عَلَى عِدَّةِ مَذَاهِبَ مَخْصُوصَةٍ لَا عَلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ فَأَبْقَى كُلُّ وَاحِدٍ لِمَنْ بَعْدَهُ عِدَّةَ مَسَائِلَ عَرَفَ مِنْ طَرِيقِ الْكَشْفِ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ مَذْهَبِ غَيْرِهِ فَتَرَكَ الْأَخْذَ بِهَا مِنْ طَرِيقِ الْإِنْصَافِ وَالِاتِّبَاعِ لِمَا أَطْلَعَهُمْ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ كَشْفِهِمْ لَا مِنْ بَابِ الْإِيثَارِ بِالْقُرَبِ الشَّرْعِيَّةِ وَالرَّغْبَةِ عَنْ السُّنَّةِ.

وَسَمِعْت سَيِّدِي عَلِيًّا الْخَوَّاصَ يَقُولُ لَا يَصِحُّ خُرُوجُ شَيْءٍ مِنْ أَقْوَالِ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ عَنْ الشَّرِيعَةِ أَبَدًا عِنْدَ أَهْلِ الْكَشْفِ قَاطِبَةً وَكَيْفَ يَصِحُّ خُرُوجُهُمْ عَنْ الشَّرِيعَةِ مَعَ اطِّلَاعِهِمْ عَلَى مَوَادِّ أَقْوَالِهِمْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَمَعَ اجْتِمَاعِ رُوحِ أَحَدِهِمْ بِرُوحِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُؤَالِهِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ تَوَقَّفُوا فِيهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ هَلْ هَذَا مِنْ قَوْلِك يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ لَا يَقَظَةً وَمُشَافَهَةً وَكَذَلِكَ كَانُوا يَسْأَلُونَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ قَبْلَ أَنْ يُدَوِّنُوهُ فِي كُتُبِهِمْ وَيُدِينُوا اللَّهَ تَعَالَى بِهِ وَيَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ فَهِمْنَا كَذَا مِنْ آيَةِ كَذَا وَفَهِمْنَا كَذَا مِنْ قَوْلِك فِي الْحَدِيثِ الْفُلَانِيِّ كَذَا فَهَلْ تَرْضَاهُ أَمْ لَا وَيَعْمَلُونَ بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَإِشَارَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ تَوَقَّفَ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَشْفِ الْأَئِمَّةِ وَمِنْ اجْتِمَاعِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حَيْثُ الْأَرْوَاحُ قُلْنَا لَهُ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ بِيَقِينٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُجْتَهِدُونَ أَوْلِيَاءَ فَمَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَلِيٌّ أَبَدًا وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>