للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعامَّةُ الحدود هي من هذا الباب، حشوٌ لكلامٍ كثير، يبيِّنون به الأشياءَ وهي قبل بيانهم أبينُ منها بعد بيانهم, فهي مع كثرة ما فيها من تضييع الزمان, وإتعاب الحيوان (١) , لا توجبُ إلا العمى والضلال، وتفتحُ باب المِراء والجدال؛ إذ كلٌّ منهم يوردُ على حدِّ الآخر من الأسئلة ما يفسدُ به، ويزعمُ سلامةَ حدِّه منه، وعند التحقيق تجدُهم متكافئين أو متقاربين، ليس لأحدهم على الآخر رجحانٌ مبين، فإما أن يُقْبَل الجميع أو يُرَدَّ الجميع أو تُقْبَل من وجه.

هذا في الحدود التي تشتركُ في تمييز المحدود وفَصْلِه عما سواه، وأما متى أدخَل أحدُهما في الحدِّ ما أخرجه الآخر أو بالعكس, فالكلامُ في هذا علمٌ يُستفادُ به حدُّ الاسم ومعرفةُ عمومه وخصوصه، مثلُ الكلام في حدِّ الخمر هل هي عصيرُ العنب المشتدِّ أم هي كلُّ مُسْكِر؟ وحدُّ الغيبة, ونحو ذلك.

وهذا هو الذي يتكلَّم فيه العلماء، كما قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ما الغيبة؟ قال: «ذِكرُك أخاك بما يكره» الحديث (٢).


(١). (ط): «وإتعاب الفكر واللسان».
(٢). أخرجه مسلم (٢٥٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>