للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثالثة في مقتضى الإخوة الإسلامية]

الخطبة الثالثة

في مقتضى الإخوة الإسلامية الحمد لله الذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، فهدى به من الضلالة، وبصر به من العمى، وجمع به بعد الفرقة، وألف به بعد العداوة، والحمد لله الذي جعل التآخي بين المؤمنين من مقتضيات الإيمان، وأوجب عليهم ما يقوم هذه الإخوة من الدعائم والأركان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، الملك الحق الديان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أشرف بني الإنسان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، وحققوا إيمانكم بتحقيق ما جاء به نبيكم صلى الله عليه وسلم؛ طلبا، وخبرا، فإن السعادة لا تحصل إلا بامتثال أمر الله ورسوله، والسير على نهجه وطريقه، أيها الناس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة» هكذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن المسلم أخو المسلم وأمر بذلك في قوله: «كونوا عباد الله إخوانا» فهذه الإخوة التي أمرنا بها ليست أخوة في اللسان فحسب، ولكنها أخوة عميقة كامنة في النفوس والقلوب غراسها إخلاص الود وثمراتها المعاملة الحسنة لأخيك، والذب عنه أخوة تقتضي أن تحب لأخيك ما تحب لنفسك تحب أن يكون صالحا، أن يكون عزيزا، أن يكون قويا، أن يكون غنيا، أن يكون متخلقا بالأخلاق الفاضلة كما تحب لنفسك أن تكون كذلك تسعى في نصحه وإرشاده وتقويمه سالكا بذلك أحسن السبل لحصول المقصود كما تحب أن يسعى لك في هذا، تكره لأخيك ما تكره لنفسك، فتكره أن يكون فاسدا، أن يكون ذليلا، أن يكون ضعيفا، أن يكون متخلقا بالأخلاق السافلة تكره ذلك كله لأخيك كما تكرهه لنفسك لا يكفيك إذا كان أخوك، ورأيته على حال لا تحبها لنفسك أن تدعو الله له بإصلاح حاله بل ادع الله له، واستعن بالله على فعل الأسباب التي تنقذه مما تكره، من واجبات هذه الإخوة أن لا تظلمه. لا تظلمه في دمه، ولا تظلمه في ماله، ولا تظلمه في عرضه كما أنك تكره أن تظلم في هذه الأمور هل من الإخوة أن تأكل مال أخيك بغير حق هل من الإخوة أن تعتدي على حقوقه؟ هل من الإخوة أن تقطع رزقه فتبيع على بيعه، وأن تؤجر على إجارته، وأن تفالح على مفالحته، وأن تخطب على خطبته هل ذلك من

<<  <  ج: ص:  >  >>