في التحذير من إضاعة الصلاة الحمد لله الذي جعل الصلاة عمادا للدين وقرة عين للمؤمنين ونجاة للعاملين انشرحت بها صدور أولياء الله، وضاقت بها صدور أعداء الله، فهي روضة من رياض العمل الصالح متعة للنفوس وطهرة للقلوب، فسبحان من فاوت بين عباده بمحبتها وإقامتها، فهذا محب لها قائم بها على الوجه المرضي لله، وذلك معرض عنها مضيع لها خاسر دينه ودنياه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وقوموا لله قانتين، حافظوا على الصلوات، وأقيموها، ودوموا عليها، ولازموها، واعتنوا بحدودها وحقوقها، ولا تضيعوها. حافظوا على الصلاة، فإنها أكبر أركان دينكم بعد الشهادتين، فلقد بني الإسلام على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام. حافظوا على الصلاة، فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وذلك لما يحصل للقلب بها من النور والبرهان الذي سيكون سببا للبعد عن الفحشاء والمنكر، حافظوا على الصلاة، فإنها صلة بين العبد وبين ربه، فإن المصلي قائم بين يدي الله يناجي ربه بكلامه، وذكره ودعائه، والخضوع له، والتعظيم قيام وقعود وركوع وسجود وقراءة وذكر وتسبيح ودعاء، فهي روضة عبادات منوعة من كل عبادة فيها زوجان حافزوا على الصلاة، فإنها تكفير لسيئاتكم، وتطهير من ذنوبكم. قال النبي صلى الله عليه وسلم «الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر» . وقال صلى الله عليه وسلم:«أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: فكذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا. حافظوا على الصلوات، فإن من حافظ على الصلوات الخمس ركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وعلم أنهن حق من عند الله دخل الجنة» . حافظوا على الصلوات أيها المسلمون، فإن الصلاة نور في القلب، ونور في الوجه، ونور في القبر، ونور يوم القيامة.
عباد الله لا تضيعوا الصلاة، فتكونوا ممن قال الله فيهم:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}[مريم: ٥٩] أضاعوا الصلاة، وأهملوها، فأما شهوات