للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الخامسة في غزوة الحديبية]

الخطبة الخامسة

في غزوة الحديبية الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن من أهم العلوم وأنفعها علم سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتاريخ حياته ومعرفة ما هو عليه في عباداته ومعاملاته في أهله وأصحابه وأوليائه وأعدائه لأنه صلى الله عليه وسلم الأسوة والإمام تهتدون بنور شريعته وتسيرون على سنته وفي هذا الشهر أعني شهر ذي القعدة من السنة السادسة من الهجرة خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة يريد العمرة ومعه من أصحابه نحو ألف وأربعمائة فأحرم من ذي الحليفة فلما علمت قريش بذلك جمعوا له جموعا ليصدوه عن البيت ويقاتلوه على ذلك «فسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان في الثنية التي يهبط عليهم منها بركت ناقته واسمها القصواء فزجرها الناس لتقوم فلم تقم فقالوا خلأت القصواء خلأت القصواء أي حزنت فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها ثم زجرها فوثبت فعدل عن قريش حتى نزل بأقصى الحديبية وفزعت قريش لنزوله عليهم فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم عثمان بن عفان رضي الله عنه ليخبرهم بما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويدعوهم إلى الإسلام فبلغ عثمان رضي الله عنه أبا سفيان وعظماء قريش ما بعثه به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتبست قريش عثمان عندها فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن عثمان قتل فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى البيعة على القتال وأن لا يفروا إلى الموت وجلس تحت شجرة سمرة في الحديبية فجعلوا يبايعونه وأخذ بيد نفسه فقال هذه عن عثمان وفي ذلك يقول الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا - وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [الفتح: ١٨ - ١٩] وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل النار واحد بايع تحت الشجرة فبينما هم كذلك جاء بديل بن ورقاء الخزاعي وكانت خزاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>