للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة السادسة في شيء من آيات الله الدالة على قدرته أيضا]

الخطبة السادسة

في شيء من آيات الله الدالة على قدرته أيضا الحمد لله الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزل من السماء ماء طهورا ليحيي به بلدة ميتا ويسقيه مما خلق أنعاما وأناسي كثيرا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وكان الله على كل شيء قديرا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا فكان مثل ما بعثه الله به كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فالأول رجل فقه في دين الله ونفعه وحي الله فعلم وعلم، الثاني رجل حمل الوحي إلى غيره فنفعه، والثالث رجل لم يرفع بوحي الله رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسل به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا ربكم واعبدوه الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ - وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} [الأعراف: ٥٧ - ٥٨]

أيها الناس: إن كل شيء في هذا الكون فيه لله آية تدل على وحدانيته وكمال ربوبيته وكمال قدرته وعظمته وكمال حكمته ورحمته تدل على أنه على كل شيء قدير يخلق ما يشاء ويختار وما كان ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليما قديرا.

إن هذه الرياح اللطيفة يرسلها الله تعالى فتحمل السحب الثقيلة المحملة بالمياه الكثيرة التي تجري بها الأرض أنهارا وتركد بحارا ويسوق الله هذا السحاب ثم يؤلف بينه فيجمعه حتى يتراكم كالجبال فيحجب نور الشمس لكثافته وتظلم الأرض من سواده وتراكمه وتراه يتجمع وينضم بعضه إلى بعض سريعا بإذن الله وإذا شاء الله أن يفرقه فرقه سريعا فأصبحت السماء صحوا كأن لم يكن سحاب، قال أنس -رضي الله عنه- «أصابت الناس سنة على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فبينما النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب في يوم جمعة قام إعرابي فقال يا رسول الله هلك المال وجاع العيال وانقطعت

<<  <  ج: ص:  >  >>