في الاستفتاء الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم والحمد لله الذي من على عباده بإنزال الكتب وإرسال الرسل فلم يبق على الله للخلق حجة وفتح العقول وفهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الرب الكريم الأكرم علم القرآن وخلق الإنسان وعلمه البيان وأعطى وتكرم وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المرشد إلى السبيل الأقوم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وبارك وسلم.
أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى وتفقهوا في دين الله لتعبدوا الله على بصيرة فإن من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين فالفقه في الدين أساس الخير والعمل الصالح، فبه يعرف العبد كيف يعبد ربه، به يعرف كيف يتوضأ وكيف يغتسل، به يعرف كيف يصلي وكيف يصوم وكيف يزكي وكيف يحج وكيف يعتمر، به يميز بين الواجبات وبين السنن، به يعرف كيف يسير إلى ربه في نور العلم إذا انعقدت غيوم الجهل والفتن، به يعرف كيف يعامل الناس بالبيع والشراء يعطي الحق الذي عليه ويطلب الذي له أو يتسامح عنه، به يعرف كيف ينكح وكيف ينفق وكيف يكفر عن آثامه وكيف يعتق، به يكون العبد سراجا في أمته يهديهم الصراط المستقيم ويبين لهم النهج القويم بالعلم يستنير في حياته وبعد وفاته فهو نور القلب ونور القبر ونور الحشر ونور الصراط، العالم حي بعد مماته والجاهل ميت في حياته:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الزمر: ٩]«إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له» وما اكتسب مكتسب مثل فضل علم يهدي صاحبه إلى هدى أو يرده عن ردى، «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء: إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر» .
أيها الناس: من استطاع منكم أن يتفرغ للعلم وتحصيله فليفعل فإنه ليتأكد في هذا الزمان الذي قل فيه الفقهاء في دين الله وكثر فيه طلب الدنيا بشتى الوسائل والإقبال عليها