في التحذير من الغِيبة والنميمة الحمد لله جعل المؤمنين إخوةً يتعاونون بينهم على البر والتقوى ويحترم كل واحد منهم الآخر في نفسه وماله وعرضه «فكل المسلم على المسلم حرام» كما قال ذلك النبي المصطفى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسماء وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أهل البر والوفاء وعلى التابعين لهم بإحسان ما تتابع القطر والندى وسلم تسليمًا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واحترموا حقوق إخوانكم المسلمين وذبوا عن إعراضهم كما تذبون عن دمائهم وأموالهم.
أيها المسلمون لقد شاع بين كثير من المسلمين داءان عظيمان لكن السلامة منهما يسيرة على من يسرها الله عليه. أيها المسلمون فشا فينا داء الغِيبة وداء النميمة أما الغِيبة فهي ذكر الإنسان الغائب بما يكره أن يذكر فيه من عمل أو صفة فإن كثيرًا من الناس صار همه في المجالس أن يأكل لحم فلان وفلان. فلان فيه كذا وفيه كذا ومع ذلك لو فتشت لرأيته هو أكثر الناس عيبًا وأسوأهم خلقًا وأضعفهم أمانةً وإن مثل هذا الرجل يكون مشؤومًا على نفسه ومشؤومًا على جلسائه لأن جلساءه إذا لم ينكروا عليه صاروا شركاء له في الإثم وإن لم يقولوا شيئًا.
أيها المسلمون لقد صور الله الإنسان الذي يغتاب إخوانه المسلمين بأبشع صورة مثلَّه بمن يأكل لحم أخيه ميتًا ويكفي قبحًا أن يجلس الإنسان على جيفة أخيه يقطع من لحمه ويأكله.
أيها المسلمون إن الواجب عليكم إذا سمعتم من يغتاب إخوانه من المسلمين أن تمنعوه وتذبوا عن أعراض إخوانكم ألستم لو رأيتم أحدًا قائمًا على جنازة رجل من المسلمين يأكل لحمه، ألستم تقومون عليه جميعًا وتنكرون عليه. إن الغِيبة كذلك تمامًا كما قال الله تعالى {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}[الحجرات: ١٢] ولا يبعد أن يعاقب من يغتاب إخوانه يوم القيامة فيقربون إليه بصورة أموات ويرغم على الأكل منهم كما روي في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولقد «مر النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم وصدورهم فقال مَنْ هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم