في بيان خيانة اليهود الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله والحمد لله على ما قدره بحكمته من دقيق الأمر وجله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك كله وله الحمد كله بيده الخير كله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى وكونوا مع الصادقين، كونوا مع الصادقين الذين عاملوا ربهم بصدق فصدقوا في النية وصدقوا في القول وصدقوا في العمل، حققوا هذا الصدق بالقيام بما أوجب عليكم من نصرة دينه وإعلائه وتقديمه على هوى النفس وشهواتها، فالجهاد جهادان جهاد النفس وجهاد العدو ومرتبة الجهاد الأول قبل الثاني.
أيها المسلمون يا أمة محمد يا أمة دين الإسلام، الدين الذي جمع بين العزيمة والقوة والشهامة والكرامة جمع بين خيري الدنيا والآخرة، إن دينكم هذا له أعداء يتربصون به الدوائر ويتحينون الفرص ويغزونه من كل وجه، يغزونه من ناحية العقيدة والفكر فيغيرون العقيدة الصحيحة والأفكار القويمة إلى عقائد فاسدة وأفكار عوجاء، إن أعداء الإسلام يغزونه من ناحية الأخلاق فيفتحون لأبنائه كل باب يغير الأخلاق الفاضلة والمثل العليا. إن أعداء الإسلام يغزون الإسلام أيضا من الناحية العسكرية ليوهنوا أبناءه ويشردوهم كل مشرد ويمزقوهم كل ممزق، وفي هذه الأيام اعتدى اليهود على البلاد العربية الإسلامية، أولئك اليهود الذين ما زالوا في عداوة شديدة للإسلام:{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}[المائدة: ٨٢] أولئك اليهود الذين وصفوا الله سبحانه بالنقص فقالوا لعنهم الله: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ}[المائدة: ٦٤] أي بخيل لا ينفق فقال الله تعالى: {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا}[المائدة: ٦٤] فغل الله أيديهم غلا معنويا بحيث كانوا أبخل الناس لا يبذلون الأموال إلا إذا كانوا يرجون من ورائها أكثر مما بذلوا، أولئك اليهود الذين نقضوا عهد الله من بعد ميثاقه:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}[آل عمران: ١٨٧] أولئك اليهود الذين قتلوا أنبياء الله بغير حق وسعوا في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين. أولئك اليهود الذين غدروا بخاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ونقضوا