[الخطبة الأولى في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
الفرع الأول
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الخطبة الأولى
في وجوب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر الحمد لله العلي العظيم المدبر لخلقه كما يشاء وهو الحكيم العليم حرم على عباده كل ما يضرهم في دينهم أو دنياهم رحمة بهم وهو الغفور الرحيم، وجعل تعاطي ما حرمه عليهم سببا للخسران في الدنيا والدين، وأوجب على المؤمنين أن يتعاونوا على البر والتقوى وأن يأخذوا على أيدي السفهاء فيأطروهم على الحق أطرا، فإن فعلوا ذلك استقامت أمورهم وصلحت أحوالهم في الدنيا والأخرى، وإن هم أضاعوا ذلك وأهملوا ذلك خسروا الصفقة ووقعوا في الهلاك والردى، نحمده على نعمه التي لا تحصى ونشكره على فضائله العظمى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يوم يجمع الخلائق في صعيد واحد ويجزي كل نفس بما تسعى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الصابر لله وبالله وفي الله حتى أقام الله به الدين وأعلى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اقتدى وسلم تسليما.
أما بعد، أيها الناس: اتقوا الله تعالى واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب، أقيموا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن ذلك دعامة المجتمع. فلا يقوم المجتمع إلا إذا شعر كل فرد من أفراده أنه جزء من كل وأن فساد جزء من هذا الكل فساد للجميع، وأنه كما تحب لنفسك أن تكون صالحا فكذلك يجب أن تحب لأخيك أن يكون صالحا لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وإذا شعر الإنسان بهذا الشعور النبيل، وإن هذا هو ما يقتضيه الإيمان ويفرضه عليه، فإنه لا بد أن يسعى في إصلاح المجتمع بشتى الوسائل بالطرق التي تضمن المصلحة وتزول بها المفسدة، فيأمر بالمعروف بالرفق واللين والإقناع، وليصبر على ما يحصل له من الأذى القولي والفعلي فإنه لا بد من ذلك لكل داع كما جرى ذلك لسيد المصلحين وخاتم النبيين، وليجعل الأمل والنجاح نصب عينيه فإن ذلك أكبر عون له على سيره في مهمته، ولا يجعل لليأس عليه سبيلا فتفتر همته وتضعف عزيمته. وإن على المؤمنين كلهم أن يتعانوا في هذا الأمر الجليل