للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة السابعة في شيء من آيات الله تعالى أيضا]

الخطبة السابعة

في شيء من آيات الله تعالى أيضا الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير الداعي إلى الله بإذنه على بصيرة السراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وتفكروا في آياته الدالة على كمال قدرته لتزدادو بذلك تعظيما لله تعالى وعبادة.

فلقد خلق الله تعالى السماوات والأرض وما بينهما بما في ذلك الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب والبحار والأنهار خلق ذلك كله في ستة أيام على أكمل وجه وأتم نظام ولو شاء لخلقها في لحظة واحدة كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: ٤٠] وقال: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر: ٥٠] بولكنه تعالى خلقها في ستة أيام لحكمة اقتضت ذلك وربك يخلق ما يشاء ويختار.

ولقد خلق الله تعالى الإنسان من سلالة من طين خلق منها آدم ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب ثم يستقر في قرار مكين لا يعتريه شمس ولا هواء ولا حر ولا برد يطوره الله تعالى في ظلمات ثلاث ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة الغشاء أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك فإذا تمت هذه الأيام وهي أربعة أشهر أرسل الله تعالى إليه الملك الموكل بالأجنة فنفخ فيه الروح فأصبح إنسانا بعد أن كان جمادا فتبارك الله أحسن الخالقين.

ولقد أرى الله تعالى عباده من آيات قدرته ما يكون آية للموقنين وعبرة للمعتبرين.

لقد خلق الله تعالى عيسى بن مريم من أم بلا أب وأقدره على النطق في المهد فتكلم بكلام من أفصح كلام البشر وأبينه: {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا - وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا - وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا - وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: ٣٠ - ٣٣] فما أبلغ هذا الكلام وأفصحه وأهمه موضوعا من صبي في المهد.

ولقد أخبر الله تعالى عنه أنه يخلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله تعالى فينفخ فيه فيكون طيرا يطير بإذن الله تعالى وأخبر أنه يبرئ

<<  <  ج: ص:  >  >>