حقيقة الإيمان وعلاماته الحمد لله الذي يقضي بالحق ويحكم بالعدل ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم يقدر الأمور بحكمة ويحكم بالشرائع لحكمة وهو الحكيم العليم أرسل الرسل مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وليقوم الناس بالقسط ويؤتوا كل ذي حق حقه من غير غلو ولا تقصير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وانصروا الله ينصركم وأطيعوه يثبتكم: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ - الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}[الحج: ٤٠ - ٤١] أيها الناس: إن الإيمان ليس بالتمني ولا بالتحلي ولكن الإيمان ما وقر في القلب ورسخ فيه وصدقته الأعمال بفعل الطاعات واجتناب المعاصي.
إن كل واحد يستطيع أن يقول إنه مسلم بل يرتقي إلى أعلى ويقول إنه مؤمن كل واحد يستطيع أن يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
المنافقون وهم في الدرك الأسفل من النار يذكرون الله. المنافقون يأتون إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ويقولون نشهد إنك لرسول الله. المنافقون يحلفون للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إنهم لمنهم وما هم منهم ولكن كل هذه الشهادات والأيمان لم تنفعهم فهم في الدرك الأسفل من النار تحت كل مشرك وكل دهري وكل يهودي وكل نصراني لأن هذه الشهادات والأيمان لم تصدر عن يقين وإيمان ولا عن قبول واذعان:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}[البقرة: ٨] فالإيمان عقيدة راسخة قبل كل شيء تنتج قولا سديدا وعملا صالحا تنتج الحب لله ورسوله والإخلاص في توحيد الله واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- الإيمان جد وعمل ومثابرة ومصابرة وحبس للنفس على ما تكره من طاعة الله ومنع لها عما تحب من معصية الله.
إن للإيمان علامات كثيرة ذكرها الله في كتابه وذكرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سنته نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ - الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ - أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[الأنفال: ٢ - ٤]