للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية في بيع ثمار النخيل]

الخطبة الثانية

في بيع ثمار النخيل الحمد لله الكريم المنان المتفضل على عباده بأصناف النعم وأنواع الإحسان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الديان وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث بالهدى والرحمة وصلاح القلوب والأبدان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليمًا.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به عليكم من النعم العظيمة نعم الدنيا ونعم الدين نعم كثيرة وافرة {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١٨] اشكروا الله على هذه النعم فإن الشكر سبب لمزيدها وبقائها وإن كفر النعم سبب لنقصها وزوالها قال الله تعالى {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ٧] وقال سبحانه {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: ١١٢]

أيها الناس إن شكر الله على نعمته هو القيام بطاعته أن تفعلوا ما أمركم الله به وتتركوا ما نهاكم عنه سواء في كتابه أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن يعصي الله ورسوله فقد ضل ضلالًا مبينًا. إن العاصي ليس بشاكر لربه ولو قال شكرًا لله بلسانه فأيُّ فائدة لشكر الإنسان ربه بلسانه وهو مقيم على معصيته أفلا يخشى من شكر ربه بلسانه وهو مقيم على معصيته أن يقال له كذبت إنك لم تشكر ربك حق شكره.

أيها الناس إن أكبر نعمة أنعم الله عليكم أن هداكم للإيمان والإسلام مخلصين لله تعالى متبعين لرسوله صلى الله عليه وسلم وقد كان قوم يتخبطون العشواء في دينهم ما بين مغضوب عليهم علموا الحق واستكبروا عنه، وضالين جهلوا الحق فلم يهتدوا إليه. وإن من نِعَم الله عليكم هذا الأمن والاستقرار وقد أصيب قوم بالخوف والقلق والقتال وإن من نعم الله عليكم ما يسره لكم من أنواع الأرزاق تأتيكم رغدًا من كل مكان وقد كان قوم لا يستطيعون لقمة العيش إلا بتعب وعناء وربما ماتوا من الجوع والإقلال. وإن من نعم الله عليكم ما أخرجه لكم من ثمرات النخيل والأعشاب تتفكهون بها رطبًا جنيًّا وتدخرونها تمرًا وزبيبًا فاعتبروا بما فيها من

<<  <  ج: ص:  >  >>