في بعض أهوال يوم القيامة الحمد لله الملك القهار العزيز الجبار خلق السماوات والأرض وما بينهما من غير تعب ولا اضطرار وأنزل على عبده في الكتاب والفرقان:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ - وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[الحج: ٦ - ٧] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أقوم الناس طاعة بفعل المأمور وترك المحظور صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الحشر والنشور وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وفكروا في دنياكم وآخرتكم في حياتكم وموتكم في حاضركم ومستقبلكم فكروا في هذه الدنيا فيمن مضى من السابقين الأولين منهم والآخرين ففيهم عبرة لمن اعتبر عمروا في هذه الدنيا فعمروها وكانوا أكثر منا أموالا وأولادا وأشد منا قوة وتعميرا فذهبت بهم الأيام كأن لم يكونوا وأصبحوا خبرا من الأخبار وأنتم على ما ساروا عليه سائرون وإلى ما صاروا إليه صائرون سوف تنتقلون عن هذه الدنيا إلى القبور بعد القصور وسوف تنفردون بها بعد الاجتماع بالأهل والسرور سوف تنفردون بأعمالكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر إلى يوم النشور وحين ذلك ينفخ في الصور فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة بلا نعال وعراة بلا ثياب وغرلا بلا ختان حدث النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فقالت عائشة «يا رسول الله الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض فقال صلى الله عليه وسلم يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض» . وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض إن الأمر أشد من أن ينظر الرجال إلى النساء أو النساء إلى الرجال إنه أعظم من أن تسأل الأم عن ولدها والابن عن أبيه:{فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ}[المؤمنون: ١٠١]{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ - يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}[الحج: ١ - ٢] هنالك قلوب واجفة وأبصار خاشعة هنالك تنشر الدواوين وهي صحائف الأعمال فيأخذ المؤمن كتابه بيمينه ويأخذ الكافر كتابه بشماله من وراء ظهره فأما من