[الخطبة الرابعة في أقسام الناس بالنسبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
الخطبة الرابعة
في أقسام الناس بالنسبة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الحمد لله العليم الحكيم الرؤوف الرحيم خلق العباد وقسمهم إلى طائع مثاب وعاص أثيم وقدر لعباده من الأسباب المعنوية والأسباب الحسية ما يمنعهم من ارتكاب المعاصي وهو القوي العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة من العذاب الأليم والفوز بالنعيم المقيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله المبعوث بما يصلح الخلق في الدنيا والدين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم في هديهم القويم وسلم تسليما.
أما بعد، أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أنه إنما ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون، وأن ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير. ففساد الأرض ومصائب الخلق هي حصائد أعمالهم وعواقب أفعالهم.
أيها المسلمون، إن الواجب علينا أن يأخذ حلماؤنا على أيدي سفهائنا ويأطروهم على الحق أطرا قبل أن يهلكوا جميعا. فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده، وقال صلى الله عليه وسلم: «مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم في أعلاها وبعضهم في أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا (يعنون في أسفلها) خرقا ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم (يعني منعوهم من خرق أسفلها) نجوا ونجوا جميعا» .
أيها المسلمون: إن الناس بالنسبة إلى تغيير المنكر منهم من يستطيع تغييره بيده ومنهم من لا يستطيع إلا بلسانه ومنهم من لا يستطيع إلا بلقبه، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما يجب على كل واحد من هؤلاء فقال:«من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» .
أيها المسلمون: إننا إذا قمنا بتغيير المنكر حسب استطاعتنا أفلحنا بأنفسنا وأصلحنا مجتمعنا وحصلت لنا الرفعة في الدار الدنيا وفي الآخرة، أما إذا ضيعنا الواجب علينا في ذلك