[الخطبة الأولى في شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة]
الفرع الأول
النصيحة والأمانة الخطبة الأولى
في شرح قول
النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن النصيحة هي أساس الدين وقوامه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:«الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولآئمة المسلمين وعامتهم» فمتى نصح العبد في هذه الأمور فقد استكمل الدين، ومن قصر في النصيحة بشيء منها فقد نقص دينه بحسب ما قصر فيه.
أما النصيحة لله فهي الإخلاص له وصدق القصد في طلب مرضاته، بأن يكون الإنسان عبدا لله حقيقة راضيا بقضائه قانعا بعطائه متمثلا لأوامره مجتنبا لنواهيه مخلصا له في ذلك كله لا يقصد به رياء ولا سمعة.
وأما النصيحة لكتاب الله فهي تلاوته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتصديق أخباره، والذب عنه وحمايته من تحريف المبطلين وزيغ الملحدين، واعتقاد أنه كلام رب العالمين تكلم به وألقاه على جبريل فنزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم. وأما النصيحة لرسوله فهي محبته واتباعه ظاهرا وباطنا، ونصرته حيا وميتا، وتقديم قوله وهديه على قول كل أحد وهديه. وأما النصحية لأئمة المسلمين فهو صدق الولاء لهم وإرشادهم لما فيه خير الأمة في دينها ودنياها، ومساعدتهم في إقامة ذلك، والسمع والطاعة لأوامرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، واعتقاد أنهم أئمة متبوعون فيما أمروا به لأن ضد ذلك هو الغش والعناد لأوامرهم والتفرق والفوضى التي لا نهاية لها، فإنه لو جاز لكل واحد أن يركب رأسه وأن يعتز برأيه ويعتقد أنه هو المسدد الصواب وهو المحنك الذي لا يدانيه أحد، لزم من ذلك الفوضى والتفرق والتشتت؛ ولذلك جاءت النصوص