للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية في صفة الحج والعمرة]

الخطبة الثانية

في صفة الحج والعمرة الحمد لله الذي بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وحجة على العباد أجمعين، وجعل دينه مبنيا على تحقيق العبادة لله رب العالمين، ميسرا، سمحا، سهلا، لا حرج فيه، ولا مشقة، ولا تضيق، ولا تعسير، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي القدير، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.

أما بعد أيها الناس: إنكم تستقبلون في هذه الأيام السفر إلى بيت الله الحرام راجين من الله تكفير ذنوبكم والآثام والفوز بدار السلام والخلف العاجل عما انفقتموه في هذا السبيل من الأموال فيا أيها المسلمون إنكم تتوجهون إلى بيت ربكم وحرماته إلى أمكنة فاضلة تؤدون فيها عبادة من أفضل العبادات لستم تريدون بذلك نزهة، ولا فخرا، ولا رياء بل تريدون عبادة تتقربون بها إلى الله، وتخضعون فيها لعظمة ربكم، فأدوها أيها المسلمون كما أمرتم من غير غلو، ولا تقصير، ولا إهمال، ولا تفريط، وقوموا فيها بما أوجب الله عليكم من الطهارة والصلاة وغيرها من شرائع الدين إذا خرجتم مسافرين إليها، فاستحضروا أنكم خارجون لعبادة من أجل الطاعات، وفي سفركم التزموا القيام بالواجبات من الطهارة والجماعة للصلاة، فإن كثيرا من الناس يفرطون في الطهارة، فيتيممون مع إمكان الحصول على الماء، وإن من وجد الماء، فلا يجوز له أن يتيمم، وبعض الناس يتهاون بالصلاة مع الجماعة، فتجده يتشاغل عنها بأشياء يدركها بعد الصلاة، وإذا صليتم، فصلوا قصرا تجعلون الصلاة الرباعية ركعتين من خروجكم من بلدكم حتى ترجعوا إليه، إلا أن تصلوا خلف إمام يتم، فأتموها أربعا تبعا للإمام سواء أدركتم الصلاة، أو فاتكم شيء منها، وأما الجمع، فإن السنة للمسافر، ألا يجمع إلا إذا جد به السير، وأما النازل في مكان، فالسنة ألا يجمع، وأما الرواتب التابعة للمكتوبات، فالأولى تركها إلا سنة الفجر، وأما الوتر، وبقية النوافل، فإنهما يفعلان في الحضر والسفر، وتحلوا بالأخلاق الفاضلة من، السخاء، والكرم، وطلاقه الوجه، والصبر على الآلام، والتحمل من الناس، فإن الأمر لا يدوم، وللصبر عاقبة محمودة، وحلاوة لذيذة، وإذا وصلتم الميقات، فاغتسلوا، وتطيبوا في أبدانكم في الرأس واللحية، ثم أحرموا بالعمرة متمتعين، وسيروا إلى مكة ملبين، فإذا بلغتم البيت الحرام، فطوفوا سبعة أشواط

<<  <  ج: ص:  >  >>