[الخطبة الرابعة عشرة في شيء من أسباب النصر على الأعداء وإبطال كيدهم]
الخطبة الرابعة عشرة
في شيء من أسباب النصر على الأعداء وإبطال كيدهم الحمد لله الذي أرسل بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله والحمد لله الذي بيده مقاليد السماوات والأرض وتصريف الأمور كما يشاء تصريفا لا يخرج عن فضله أو عدله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو أن نكون بها ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل خلقه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وكل من اهتدى بهديه وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله وكونوا مع الصادقين فاصدقوا الله في نياتكم واصدقوا الله في أقوالكم واصدقوا الله في أعمالكم عاملوا الله بصدق وعزيمة اعبدوه حق عبادته قوموا بأمره ما استطعتم وانصروا الله ينصركم ولا تتخلوا عن طاعته فيتخلى عنكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما ربك بظلام للعبيد. أيها المسلمون إن أعداء الإسلام يكيدون له من كل وجه ويغزونه من كل ناحية غزوه من ناحية الفكر والعقيدة فصرفوا الأفكار عن اعتدالها وغيروا العقيدة عن وجهها وأدخلوا على الدين قوانين وأحكاما تناقض أحكام الإسلام وقوانينه.
وغزوا الإسلام من ناحية الأخلاق والمثل العليا فأفسدوا الأخلاق وهدموا المثل وغزوا الإسلام من الناحية العسكرية فقاتلوا المسلمين وحاربوهم ولم يزالوا كذلك كلما حانت لهم الفرصة ووجدوا الغفلة من المسلمين.
أيها المسلمون وإن علينا أن نحذر وعلينا أن ننتبه وعلينا أن نعرف الداء لنعرف الدواء علينا أن نقف لهؤلاء الأعداء لنرد كيدهم في نحورهم مستعينين في ذلك بالله ومستعملين جميع الأسباب المادية والمعنوية لقمع تحركاتهم ودحر مكايدهم إن علينا أن نلتزم عند مجابهة هؤلاء الأعداء بأمور.
أولها إخلاص النية لله بأن ننوي بذلك إعلاء كلمة الله وتثبيت شريعته وتحكيم رسوله -صلى الله عليه وسلم- فإن هذه هي النية الخالصة الصادقة.
وثانيها صدق العزيمة وقوة التنفيذ لأوامر الله تعالى في المنشط والمكره والعسر واليسر كما حصل للصحابة -رضي الله عنهم- مع نبيهم -صلى الله عليه وسلم- فلقد حصل عليهم في غزوة أحد ما حصل من التعب والجهد والمشقة واستشهاد من استشهد منهم ولما هم المشركون بعد انصرافهم أن يرجعوا إليهم ليقضوا عليهم ندب