للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي -صلى الله عليه وسلم- المسلمين إليهم فأجاب المسلمون إلى ذلك مع ما فيهم من الجراح والتعب استجابوا لذلك طاعة الله ورسوله ورجاء لفضل الله ورضوانه فأنزل الله تعالى فيهم: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: ١٧٢] وهكذا جرى لهم عندما رجعوا من غزوة الأحزاب بعد طول الحصار والمشقة ودخلوا المدينة مقبلين على الأهل والراحة وعزم النبي -صلى الله عليه وسلم- على غزو اليهود بني قريظة قال: لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة فخرجوا في الحال إلى بني قريظة وهكذا كان الصحابة -رضي الله عنهم- في صدق العزيمة لا يثنينهم التعب والنصب عن امتثال أمر الله ورسوله ولذلك حقق الله لهم النصر على عدوهم فكانت العاقبة لهم والعاقبة للمتقين.

أيها المسلمون هذا أمران إخلاص النية وصدق العزيمة الأمر الثالث اجتناب معصية الله تعالى فإن المعصية من أكبر أسباب الخذلان في الدنيا والآخرة ولقد حصل للصحابة -رضي الله عنهم- في أحد ما حصل من جراء معصية واحدة فقط حصلت من بعضهم حين قال لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- لا تبرحوا مكانكم فلما رأوا المسلمين هزموا الكفار تخلى بعضهم عن هذا المكان الذي عينه لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحصلت الهزيمة وفي ذلك يقول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: ١٥٢] هذا ما حصل من أجل معصية واحدة من البعض فكيف بمن عصوا الله في كثير من أمورهم بل اعتقدوا أن التزام الدين والتمسك به رجعية تنافي التقدم.

الأمر الرابع أن لا نعجب بأنفسنا بقوتنا أو بكثرتنا فإن الإعجاب بالنفس سبب للحرمان لأن معناه اعتماد الإنسان على قوته ونسيانه الله تعالى والإنسان مهما بلغ من القوة فهو ضعيف إلا بتقوية الله له ولقد كانت كلمة قالها بعض الصحابة يوم حنين حين بلغوا اثنى عشر الف مقاتل فقالوا لن نغلب اليوم من قلة فأراهم الله تعالى أن النصر من عنده فقال: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ - ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ - ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ٢٥ - ٢٧]

<<  <  ج: ص:  >  >>