خطبة ثانية في الاستسقاء الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والحمد لله مغيث المستغيثين ومجيب دعوة المضطرين وكاشف الكرب عن المكروبين ومسبغ النعمة على العباد أجمعين لا إله إلا الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
وربك يخلق ما يشاء ويختار وهو الولي الحميد فسبحانه من إله كريم شمل بكرمه ورزقه وإحسانه القريب والبعيد فما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها وربك على كل شيء حفيظ ولكنه يعطي لحكمة ويمنع لحكمة إن ربي على صراط مستقيم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة يوم الوعيد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الرسل وخلاصة العبيد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم في هديهم الرشيد وسلم تسليما.
عباد الله: قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ}[لقمان: ٣٤] وقال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}[الشورى: ٢٨] وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ - أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ}[الواقعة: ٦٨ - ٦٩]
عباد الله: أنزل الله تعالى غيثين لعباده أحدهما أهم من الآخر والناس يحتاجون إليه أشد من الآخر أما الغيث الأول فهو غيث القلوب بما أنزل الله من الوحي على رسله وهذا الغيث مادة حياة القلوب وسعادة الدنيا والآخرة وبه يستجلب الغيث الثاني وهو غيث الأرض بما ينزله الله من المطر ولقد خرجتم تستغيثون ربكم لهذا الغيث وإنه لجدير بنا أن نهتم بالغيث الأول قبل الثاني لأن به سعادة الدنيا والآخرة وحصول الغيث الثاني قال الله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف: ٩٦] وقال تعالى على لسان نوح -صلى الله عليه وسلم-: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا - يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}[نوح: ١٠ - ١١] إلى قوله: {وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح: ١٢] وقال تعالى عن هود عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ}[هود: ٥٢]
أيها المسلمون: يجب علينا أن نتفقد قلوبنا هل رويت من هذا الغيث أم هي ظامئة يجب علينا أن ننظر في صحائفنا هل هي ربيع بهذا الوحي أم مجدبة منه يجب علينا أن نصلح ما فسد وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد والحسد يجب