للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الرابعة في ذكر شيء من آيات الرسل الكرام]

الخطبة الرابعة

في ذكر شيء من آيات الرسل الكرام الحمد لله الذي له ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له نعم المولى ونعم النصير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المعاد والمصير وسلم تسليما.

أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله تعالى له تمام الملك وكمال الحمد فمن تمام ملكه وكماله أنه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض وأنه ما من شيء في السماوات والأرض إلا وهو خالقه ومالكه ومدبره ومن تمام حمده وكماله أنه لم يقدر شيئا ولم يشرع مشروعا إلا لحكمة وعلى وفق الحكمة ومن ذلك ما يقدره الله تعالى من الآيات الدالة على صدق الرسل تأييدا لهم وإقامة للحجة على أممهم فهذه النار الحارة المهلكة كانت بردا وسلاما على إبراهيم نبي الله وخليله عليه الصلاة والسلام حين ألقاه فيها كفار قومه قال ابن عباس رضي الله عنهما لولا أن الله قال وسلاما لآذى إبراهيم بردها وهذا نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم ضرب بعصاه البحر فانفلق اثني عشر طريقا حتى ظهرت أرض البحر يبسا وكان الماء السائل من بين هذه الطرق كالجبال راكدا لا يسيل ولما استسقى لقومه أمر أن يضرب بعصاه الحجر فتفجر الحجر عيونا اثنتي عشرة عينا وكان يضع عصاه فتنقلب حية تسعى فإذا أخذه رجع على حاله الأولى وهذا عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم كان يحيي الموتى بإذن الله فيأتي إلى القبر فيدعو صاحبه فيخرج بإذن الله وكان يخلق من الطين على صورة الطير فينفخ فيه فيكون طيرا يطير بإذن الله وهذا رسول الله وخليله محمد صلى الله عليه وسلم جرى له من الآيات الدالة على صدقه شيء كثير فمن ذلك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقين حتى رأوا حراء بينهما ثبت ذلك بطرق متواترة قطعية واتفق عليه العلماء والأئمة وكان إذا قحط المطر يستسقي فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب قال أنس رضي الله عنه «رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه يستسقي وما رأينا في السماء قزعة فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار سحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته قال: فمطرنا إلى الجمعة الأخرى فقام ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>