للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الرابعة في التحذير من تشبه الرجل بالمرأة]

الخطبة الرابعة

في التحذير من تشبه الرجل بالمرأة الحمد لله الحكيم العليم الرب العظيم خلق، وقدر، وأعطى كل شيء خلقه، ثم هدى، ويسر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلي الأعلى له الحكم، فلا مضاد لحكمه ولا مبدل لكلماته وهو السميع العليم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى على الخلق أجمعين أهدى الناس طريقا وأقومهم دعوة، وأفصحهم بيانا، وأنصحهم قصدا وإرادة، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه واتباعه المتمسكين بهديه المتبعين لشريعته المبتعدين عن اتباع الشهوات والأهواء المخالفة لذلك.

أما بعد: ففي هذا الأسبوع عرضت في التلفزيون وقائع الحفلات التي أقيمت في الأندية في مدن القصيم، وشاهد الناس من بين وقائع هذه الحفلات ما يقوم فيه الشباب بتمثيل المرأة في لباسها عباءة مقطع ملون خمار على الرأس، وفي كلامها وهيئتها تمثيلا متقنا كأنه المرأة تماما سبحان الله! سبحان الله! لقد كنت أتحاشى أن أتكلم عن هذا الموضوع من على هذا المنبر، ولكن إذا لم يكن إلا الأسنة مركب فما حيلة المضطر إلا ركوبها، لقد كنت أفضل أن يكون الكلام بيني وبين القائمين بهذه الأدوار ولكن لما أصبح الأمر شائعا بين الناس الذين شاهدوا ذلك، أو سمعوا عنه كان لزاما علينا أن نبين ذلك بيانا شائعا مثلا بمثل ووفاء بعهد الله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: ١٨٧] وحذر العقوبة في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البقرة: ١٥٩ - ١٦٠] وكتمان العلم إخفاؤه عندما تدعو الحاجة إلى بيانه جوابا لسؤال أو اقتضاء الحال.

أيها المسلمون إن مما يقضى به العجب، ولا ينقضي به أن يقوم شاب رجل فضله الله على المرأة {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: ٢٢٨] فينزل نفسه مختارا إلى درجة المرأة ليمثلها في لباسها وهيئتها وكلامها على أن هذا الشاب لو قيل له: يا شبيه المرأة لاستشاط غضبا، ورأى ذلك مسبة له، فالله أكبر ما هذا التناقض يغضب من قول يشبه به بالمرأة، ويراه مسبة له له، ثم يحقق بنفسه تلك المشابهة، والفعل أبلغ من القول؛ لأنه أمر واقع. إن تمثيل الشاب لدور المرأة لا يجدي نفعا، ولا يدفع ضررا، ولا يحل مشكلة، إن المشاهدين له سيكونون ثلاثة أصناف، صنف يسخر به

<<  <  ج: ص:  >  >>