في بيان زكاة النخيل الحمد لله الرؤوف الرحيم البر الجواد الكريم أنعم على العباد بما أخرج لهم من الزروع والثمرات، وما أدر عليهم من الأرزاق المجلوبة من جميع الجهات، ثم أمرهم بإنفاق ذلك في مرضاته لتكمل لهم نعمة الدنيا والدين، ووعدهم على الإنفاق في مرضاته خلفا عاجلا، وهو خير الرازقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل النبيين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.
أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى: واشكروه أن أمدكم بما تعلمون، أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون، فهذه ثمرات النخيل تتفكهون بها رطبا وبسرا، وتدخرونها قوتا وتمرا، فهو الذي خلقها، وأوجدها، وهو الذي نماها، وأصلحها وهو الذي أبقاها لكم، وحفظها، وأبقاكم حتى أدركتم جناها وثمرها، فاشكروا ربكم على هذه النعمة، وأدوا ما أوجب الله فيها من الزكاة تدفعوا عن أنفسكم وأموالكم النقمة، وحاسبوا أنفسكم في ذلك محاسبة تامة، فإن أهل الزكاة شركاء لكم فيها لهم العشر إن كانت تشرب سيحا، ونصف العشر إن كانت تشرب بالمكائن، هكذا فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإياكم وبخسها وإخراج ما ينقص عن ذلك.
أيها الناس: لقد أنعم الله علينا في هذه الأوقات الأخيرة بنعم كثيرة منها كثرة أنواع المأكولات، واختلاف عادات الناس بسبب ذلك حتى صار أكثر الناس لا يأكلون من التمر إلا أطيب الأنواع، فارتفع بذلك سعره، ونقص سعر الأنواع الأخرى بسبب قلة رغبة الناس فيها، فلقد كان الشقر في الزمن السابق هو الغذاء الرئيسي من التمر، وكان الناس لا يهتمون بالأنواع الأخرى، فكان الفرق بينه وبينها يسيرا، أما الأن فكانت الحال بالعكس وأصبح الفرق كبيرا بينه وبين الأصناف التي بدأت تنتشر، وترغب، انظر إلى قيمه متوسطة الشقر تجد الكيلو منه يساوي ربع ريال، وانظر إلى متوسط البرحى مثلا نجد الكيلو منه يساوي ريالين، فالكيلو من البرحى يساوي ثمان كيلو من الشقر، وهذا فرق كبير، فإذا وجدنا بستانا أكثره من البرحى والسكري ونحوهما من الأنواع الطيبة، فكيف يسوغ لنا أن نخرج زكاته كلها من الشقر مع هذا الفرق العظيم؟ كيف يمكن أن نقول إن هذا الرجل أخرج نصف عشر بستانه.