للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثالثة في الربا والتحيل عليه]

الخطبة الثالثة

في الربا والتحيل عليه إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك به وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واحذروا أسباب سخطه وعقابه احذروا ما حذركم الله منه إن كنتم مؤمنين واحذروا الربا فإنه من أسباب لعنة الله تعالى ومقته إن الربا من أكبر الكبائر التي حذر الله تعالى عنها في كتابه وحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها في سنته وأجمع المسلمون على تحريمها. اسمعوا قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٨ - ٢٧٩] اسمعوا قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ - وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ - وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: ١٣٠ - ١٣٢] واسمعوا قول الله تعالى {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ - يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة: ٢٧٥ - ٢٧٦] اسمعوا هذه الآيات العظيمة وما تتضمن من التحذير من الربا والوعيد عليه اسمعوا هذه الآيات وافهموها وعوها ونفذوها فإن لم تفهموها فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون أو طالعوا ما قاله المفسرون فيها إن كنتم تقدرون لقد قال شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسير الآية الثالثة: ذكر الظالمين أهل الربا والمعاملات الخبيثة وأخبر أنهم يجازون بحسب أعمالهم فكما كانوا في الدنيا في طلب المكاسب الخبيثة كالمجانين عوقبوا في البرزخ والقيامة بأنهم لا يقومون من قبورهم أو يوم بعثهم ونشورهم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أي من الجنون والصرع. ولقد صدق رحمه الله تعالى فإن المرابين كالمجانين لا يعون موعظةً ولا يرعوون عن معصية نسأل الله لنا ولهم الهداية.

<<  <  ج: ص:  >  >>