للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الرابعة في شيء من المغيبات يكون قبل قيام الساعة]

الخطبة الرابعة

في شيء من المغيبات يكون قبل قيام الساعة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.

أما بعد: فقد قال الله سبحانه وتعالى لرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا - عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا - إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا - لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: ٢٥ - ٢٨] أمر الله نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو أشرف الخلق عنده أن يعلن للملأ بأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يعلم متى يقع ما يوعدون به من العذاب سواء ما يقع في القيامة أو عند الموت، لأنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لا يعلم متى الساعة ولا متى يموتون، وإنما علم ذلك عند عالم الغيب والشهادة رب العالمين، ولكنه سبحانه قد يظهر على غيبه من يرتضيه من خلقه من الرسل ليبلغوا رسالات ربهم ولقد أظهر الله نبيه محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ على غيب كثير مجمل ومفصل فيما أوحاه إليه من الكتاب والسنة، وليس يعلم ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلا ما أوحاه إليه ربه فمن ذلك ما في صحيح البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنهما أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: «لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة، دعوتهما واحدة وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله وحتى يقبض العلم، وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن، ويكثر الهرج (وهو القتل) وحتى يكثر فيكم المال، فيفيض حتى يهم رب المال من يقبض صدقته، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا إرب لي به، وحتى يتطاول الناس في البنيان، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه، وحتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا. ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما، فلا يتبايعانه ولا يطويانه ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته، فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه، فلا يسقي فيه ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فمه فلا يطعمها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>