للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الخامسة في أحوال الناس يوم القيامة]

الخطبة الخامسة

في أحوال الناس يوم القيامة الحمد لله جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله على كل شيء قدير ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو اللطيف الخبير وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير المبعوث بأسس الحق وأصول الإيمان والخضوع للملك الديان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما.

أما بعد أيها الناس: اتقوا ربكم واعلموا أنه ما خلقكم عبثا ولن يترككم سدى وإنما خلقكم لتعبدوه وتقدموا بدينه وتطيعوه وتقدموا لليوم الآخر فلا بد أن تلاقوه.: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ - يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج: ١ - ٢] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: ٣٣] في ذلك اليوم تندك الأرض وتسير الجبال وفي ذلك اليوم تشتد الأمور وتعظم الأهوال وفي ذلك اليوم ينزل للقضاء بين عباده الحكم العدل المتعال في ذلك اليوم تحشرون حافية أقدامكم عارية أجسامكم شاخصة أبصاركم واجفة قلوبكم في ذلك اليوم يجمع الله الأولين والآخرين من الإنس والجن والدواب في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر في ذلك اليوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امريء منهم يومئذ شأن يغنيه في ذلك اليوم يقبض الله الأرض بيده ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون وفي ذلك اليوم تدنو الشمس من رءوس الخلائق حتى تكون قدر ميل فيعرق الناس على قدر أعمالهم فمنهم من يبلغ العرق إلى كعبيه ومنهم من يبلغ إلى حقويه ومنهم من يلجمه العرق إلجاما فعند ذلك يبلغهم من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس ألا ترون إلى ما أنتم فيه وإلى ما بلغكم ألا تنظرون إلى من يشفع لكم إلى ربكم فيذهبون إلى آدم فيعتذر ويقول اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتون فيعتذر ويقول اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيعتذر

<<  <  ج: ص:  >  >>