في شيء من الفتن قبل قيام الساعة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واحذروا الفتن ما ظهر منها وما بطن احذروا كل ما يصدكم عن دينكم من مال وأهل وولد: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[الأنفال: ٢٨] احذروا فتنة القول، وفتنة العمل وفتنة العقيدة والآراء الهدامة والمشاهدات السيئة، فإن ذلك كله يصدكم عن دينكم ويوجب هلاككم انظروا إلى سلفكم الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، واسلكوا طريقهم فإنكم بذلك أمرتم وبذلك تفلحون إن تمسكتم. قد أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمته بما سيكون إلى قيام الساعة، فأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمته بفتن في آخر الزمان لعلهم يحذرون ويتقون ويرجعون إلى ما كان أسلافهم ويتمسكون. أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن فتن الدين بما يحدث من المغريات المادية والفكرية، فقال:«بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا»(رواه مسلم) . وأخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن فتنة الجهل والطمع والفوضى، فقال صلى الله عليه وسلم:«يتقارب الزمان ويقبض العلم وتظهر الفتن ويلقى الشح ويكثر الهرج قالوا يا رسول الله وما الهرج قال القتل»(متفق عليه) لقد قبض العلم وقل العلماء الربانيون قل العلماء أهل الخشية لله وأهل الهداية إن العلم حقيقة هو العلم النافع الذي يكون صاحبه قدوة في الخير والصلاح، والزهد والورع واتباع سنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخلفائه الراشدين، ولقد ظهرت الفتن شتى من كل نوع ومن كل وجه ظهر الطعن في الإسلام والتشكيك في الدين وتزهيد الناس فيه وسلب محبته من قلوب الناشئين، تصاعدت الفتنة من جزئيات الدين وفرعياته إلى أصوله وأركانه وتطورت الفتنة من الأفراد، والأقليات إلى أن نسبت إلى الزعماء والرؤساء وتلك طامة كبرى ومصيبة عظمى أن تتدرج الفتن هذا التدرج وتتوسع هذا التوسع في حجمها وشكلها.