للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الرابعة في التنبيه على بعض أمور يعتقدها العوام وهي مخالفة للشرع]

الخطبة الرابعة

في التنبيه على بعض أمور يعتقدها العوام وهي مخالفة للشرع الحمد لله الذي بين لعباده الحق وأقام الدليل وهداهم بمحمد صلى الله عليه وسلم إلى أكمل هدى وأهدى سبيل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة من العذاب الأليم والفوز بدار النعيم المقيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي وضح للأمة ما تحتاج إليه وينفعها من أمور الدنيا والدين حتى تركهم على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك معتد أثيم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما.

أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى وتفقهوا بأحكام دينكم لتعبدوا الله على بصيرة، فإن مثل من يعبد الله على علم ومن يعبده على جهل كمثل من يمشي على طريق مضيئة وطريق مظلمة، الأول عارف مواقع قدمه متيقن السلامة والثاني جاهل خائف من العطب والضلالة.

أيها الناس: لقد اشتهر عند بعض العوام أن من لم يتمم له (١) فإنه لا حج له، وهذا خطأ فلا علاقة بين التميمة والحج، فالحج يصح فرضا ونفلا سواء تمم عن الإنسان أم لا.

واشتهر عند بعض الناس أن من أحرم في ثياب فإنه لا يجوز أن يغيرها وهذا غير صحيح، فإنه لا بأس أن يغير المحرم ثيابه التي أحرم بها سواء كان رجلا أو امرأة، فيجوز للرجل أن يلبس رداء أو إزارا غير اللذين أحرم بهما، ويجوز للمرأة أن تلبس ثوبا أو مقطعا غير الذي أحرمت به.

واشتهر عند بعض الناس أيضا أن المحرم لا يجوز له قطع الشجر الحي من حين أن يحرم وليس كذلك، فإن الشجر إذا كان خارج أميال الحرم جاز قطعه للمحرم وغيره، وإذا كان داخل أميال الحرم حرم قطعه على المحرم وغيره، وعلى هذا فيجوز في عرفة قطع الأشجار الحية للمحرمين وغيرهم ولا يجوز ذلك في منى ومزدلفة لأن عرفة خارج الأميال ومزدلفة ومنى داخل الأميال.


(١) أي يعق عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>