في الاجتهاد في رمضان الحمد لله الذي من على عباده بمواسم الخيرات ليغفر لهم بذلك الذنوب، ويكفر عنهم السيئات، وليضاعف لهم به الأجور، ويرفع الدرجات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واسع العطايا، وجزيل الهبات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل المخلوقات أتقى الناس لربه، وأخشاهم له في جميع الحالات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان ما توالت الشهور والأوقات، وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، واشكروه على ما أنعم به عليكم من مواسم الخير والبركات، وما حباكم به من الفضائل والكرامات، واعرفوا قدر هذه المواسم بعمارتها بالطاعات وترك المحرمات.
عباد الله لقد أظلكم شهر مبارك كريم وموسم رابح عظيم شهر تضاعف فيه الحسنات، وتعظم فيه السيئات شهر أوله رحمه، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار شهر أنزل الله فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيام نهاره فريضة، وقيام ليله تطوعا، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتقا له من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء أعطيت فيه هذه الأمة خمس خصال لم تعطهن أمة من الأمم قبلهم خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله كل يوم جنته، فيقول: يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى، ويصيروا إليك، وتصفد فيه مردة الشياطين، فلا يخلصون إلى ما كان يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة منه. إنه شهر رمضان من صامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قامه إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن أتى فيه بعمرة كان في الأجر كمن حج فيه تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران. روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: قال « (قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي، وأنا أجزي به، والصوم جنة (يعني وقاية من الإثم والنار) فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحد، أو قاتله، فليقل: إني صائم، والذي نفس محمد