نماذج من حقوق المسلم على أخيه الحمد لله الذي جعل المؤمنين إخوة في الإيمان، وشبههم في دعم بعضهم بعضا وشد بعضهم بعضا وقيام بعضهم ببعض بالبنيان، وشرع لهم من الأسباب ما تقوم به تلك الإخوة، وتستمر على مدى الزمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الألوهية والأسماء والصفات والسلطان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث إلى جميع الإنس والجان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، واعلموا أنكم في الدين إخوة، وأن هذه الإخوة والرابطة الدينية أقوى من كل رابطة وصلة، فيوم القيامة لا أنساب بينكم ولكن الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين، فحققوا أيها المؤمنون هذه الإخوة بالتحاب بينكم والتآلف ومحبة الخير بعضكم لبعض والتعاون على الخير وفعل الأسباب التي تقوي ذلك وتنميه واجتناب الأسباب التي تضعف ذلك وتنقصه، فالأمة لا تكون أمة، ولا يجتمع لها قوة حتى تكون كما وصفها نبيها صلى الله عليه وسلم بقوله:«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» . أيها الإخوة: لقد شرع الله لكم ما يقوي اتحادكم، وينمي المحبة بينكم، ويزيل العداوة والفرقة، شرع لكم أن يسلم بعضكم على بعض، فالسلام يغرس المحبة والألفة، والهجر يوجب البغضاء والوحشة، فإذا لقي بعضكم بعضا فليسلم عليه، وخيركم من يبدأ بالسلام، وليجبه المسلم عليه ببشاشة وانطلاق وجه بجواب يسمعه، ويكون مثل سلامه أو خيرا منه، وشرع لكم أن يعود بعضكم بعضا إذا مرض، فعيادة المريض تجلب المودة، وترقق القلب، وتزيد في الإيمان، وتوجب الثواب. فمن عاد مريضا ناداه مناد من السماء طبت، وطاب ممشاك، ومن عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع قيل: يا رسول الله وما خرفة الجنة؟ قال جناها، وإذا عاد أحدكم المريض، فليوسع عليه الأمر، ويقول ما يفرحه من ذكر ثواب الصابرين وانتظار الفرج، وأنه طيب ولا بأس عليه، ويفتح له باب التوبة واغتنام الوقت بالذكر والقراءة والتسبيح والاستغفار وغيرها مما يقرب إلى الله، ويرشده كيف يتطهر بالماء أو التيمم وكيف يصلي وكيف