[الخطبة الثالثة في ذكر شيء من آيات النبي صلى الله عليه وسلم]
الخطبة الثالثة
في ذكر شيء من آيات النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي أيد رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالآيات البينات واختصه بالفضائل الكثيرة والكرامات وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الألوهية والربوبية والأسماء والصفات وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى على جميع المخلوقات المبعوث رحمة للعالمين وقدوة للسالكين إلى رب الأرض والسماوات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان في الأقوال والأعمال والاعتقادات وسلم تسليما.
أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعرفوا ما أيد الله به نبيكم صلى الله عليه وسلم من الآيات والمعجزات فإن الله أعطاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر وأبلغ ما أوتيه صلى الله عليه وسلم هذا القرآن العظيم ففيه عبرة لمن اعتبر، فيه خبر ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وفصل ما بينكم اشتمل على ذكر أخبار الأولين والآخرين وعلى الفصاحة والبلاغة اللتين عجزت عنهما مدارك الجن والإنس السابقين منهم واللاحقين:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}[الإسراء: ٨٨] أي معاونا ألا وإن من أعظم آياته سيرته في عبادته ومعاملاته وأخلاقه كان صلى الله عليه وسلم أتقى الناس لله تعالى وأجود الناس وأشجعهم وأصبرهم وأحسنهم مجالسة وألطفهم مكالمة وألينهم جانبا وأبلغهم في جميع صفات الكمال ألا وإن من آياته صلى الله عليه وسلم انشقاق هذا القمر فرقتين كل فرقة منهما على جبل حين طلب أهل مكة من النبي صلى الله عليه وسلم آية ألا وإن من آياته صلى الله عليه وسلم إجابة دعائه في استسقائه واستصحائه وغير ذلك ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: «بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في يوم الجمعة قام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة يعني قطعة غيم فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته حتى الجمعة الأخرى فقام ذلك الأعرابي أو قال غيره فقال: يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادع الله لنا فرفع يديه فقال: " اللهم حوالينا ولا علينا" فما يشير إلى ناحية من السماء إلا انفرجت وصارت المدينة