في نماذج من أحكام الصلاة الحمد لله الذي وعد المحافظين على الصلاة أجرا عظيما وأعد لهم جنات الفردوس نعيما مقيما، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، فأنعم به ربا رحيما كريما، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل المصلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله، وحافظوا على الصلوات، وأقيموها في الجمع والجماعات، ولا تضيعوها، وتهملوها فتقعوا في المهلكات، قال الله تعالى:{فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}[مريم: ٥٩] فمن أضاع الصلاة، ولم يتب من ذلك لقي الغي في الدنيا والآخرة، والغي هو الخسران المبين، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: الغي واد في جهنم بعيد القعر، خبيث الطعم، فمن كان محافظا عليها فليحمد الله على نعمته، ويسأله الثبات على ذلك، ومن لم يكن محافظا عليها، فليتب إلى الله من ذنبه، وليرجع إلى ربه قبل أن يزيغ قلبه، فيكون من الهالكين حافظوا عليها بفعل شروطها وأركانها وواجباتها وسننها، فإذا أتي أحدكم الصلاة، فليسبغ الوضوء، ثم ليستقبل القبلة، فإن استقبال القبلة لا بد منه في الصلاة قال الله تعالى:{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٥٠] ثم يستفتح الصلاة بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم يتعوذ، ويقرأ فاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ووجوبها على الإمام والمأموم والمنفرد لعموم الحديث، وعدم المخصص الصحيح، وينبغي للأئمة أئمة المساجد أن يراعوا حال المأمومين في الركعتين بعد التشهد الأول، فيتأنوا في قراءة الفاتحة حتى يكملها المأمومون الذين خلفهم، فإذا قرأ الفاتحة قرأ بعدها ما تيسر من القرآن يكون في المغرب بقصار المفصل غالبا، والسنة أن يقرأ أحيانا بغير قصار المفصل بما لا يشق على المأمومين، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ فيها بسورة الأعراف، وقرأ فيها بسورة محمد، وقرأ فيها بسورة الطور، وقرأ فيها بسورة المرسلات، ويكون في الفجر من طوال المفصل، ويكون في الظهر والعصر والعشاء من أواسط المفصل إلا أن القراءة في الظهر تكون أطول من قراءة العصر، فإذا فرغ من القراءة ركع، وقال سبحان ربي العظيم الواجب مرة، وأدنى الكمال ثلاث، ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن