في جمل من الآداب الحمد لله الذي وفق من شاء من عباده لمكارم الأخلاق وهداهم لما فيه فلاحهم وسعادتهم في الدنيا ويوم التلاق وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الكريم الخلاق وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل الخلق على الإطلاق صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وتأدبوا بما أدبكم الله به على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الله بعثه ليتمم مكارم الأخلاق فتممها بقوله وفِعْله وترك الأمة على طريق بيضاء لا يزيغ عنها إلا هالك مرتاب. إن الآداب التي شرعها الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم آداب شاملة عامة آداب في الأكل والشرب وآداب في اللباس والنوم وآداب في معاملة الناس وآداب في كل شيء. أما الآداب في الأكل والشرب فقد عَلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته أن يقولوا عند الأكل والشرب باسم الله وأخبر أن من لم يسم الله شاركه الشيطان في أكله وشربه وأمرهم أن يأكلوا باليمين ويشربوا باليمين ونهاهم عن الأكل بالشمال والشرب بالشمال وقال:«إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله» . وأمر الآكل مع غيره أن يأكل مما يليه وقال:«إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها» . وأما اللباس فالسنة فيه أن يبدأ عند اللبس باليمين فيدخل يده اليمنى قبل اليسرى ورجله اليمنى في النعال والسراويل قبل اليسرى وأما عند الخلع فيبدأ باليسرى قبل اليمنى وإذا لبس شيئًا جديدًا فليحمد الله الذي رزقه إياه من غير حول منه ولا قوة ورغب النبي صلى الله عليه وسلم أمته في لباس الثوب الجميل فقال «إن الله جميل يحب الجمال» . وحرم على ذكور أمته لباس الحرير والذهب وأن يكون لبس الرجل نازلًا عن كعبيه وقال «ما أسفل من الكعبين ففي النار» وقال «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب» . وأما النوم فالسنة فيه أن ينام على الجنب الأيمن وأن ينام على طهارة ويذكر الله حتى يغلبه النوم ويقرأ آية الكرسي فإن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح. «وكان صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ من منامه يقول: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور» . وقال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليقل الحمد لله الذي رد عليَّ