في الحث على تخفيف المهور الحمد لله الذي خلق الناس من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها والحمد لله الذي يسر لعباده كل طريق يتمتعون به فيما أباح لهم من طيبات المناكح والأقوات واللباس والمساكن لتتم بذلك النعمة ويحصل الابتلاء، فمن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فكفره عليها وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً أدخرها ليوم تجزى فيه النفوس بما لها وعليها وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى ويسروا ييسر لكم واطرقوا سبل الإصلاح لتصلوا إلى الغاية. أيها الناس إن لدينا مشكلةً عويصةً معقدةً مشكلةً تهم الناس جميعًا لا يختلف منهم اثنان في طلب حلها وزوال مشكلها ألا وهي مشكلة الزواج فلقد أصبحت ذات تعقيد من أهمها مشكلة المهر أعني الجهاز فلقد أصبح في شكل خطير وارتفع في الزيادة إلى حد يصعب على أكثر الناس وكل ذلك بسبب المغالاة فيه والمفاخرة والمباهاة التي لا داعي لها ولا موجب فليست المرأة سلعةً تعرض للبيع ويقصد فيها ثمنها وإنما هي امرأة حرة كريمة أهم شيء لها أن تتفق مع زوج يكون قرة عينها وسعادة حياتها عونًا لها على طاعة الله ومثالًا تقتدي به في الأخلاق الفاضلة ومصلحًا ومربيًا لها ولمن يُقَدِّر الله بينهما من ذرية هذا هو غرض المرأة وعين مصلحتها أما المال فإنه عرض يزول ولا ينظر إليه إلا أصحاب الجشع من الأولياء أو ضعيفات العقول من بعض النساء وأشباههن من الرجال.
أيها الناس لقد بلغت المهور حدًّا لا يطاق عند أكثر الناس حتى كان الرجل الذي يريد الزواج يكدح المدة الطويلة ويتعب التعب الكثير ويذهب أول حياته وعنفوان شبابه طارقًا كل باب لتحصيل المال فلا يكاد يدرك مهرًا يحصل به المرأة. وذلك بسبب التزايد والمغالاة في المهور وهذا خلاف المشروع فإن المشروع في المهور تخفيفها وكلما كانت أقل فهي أفضل وأنفع وأعظم بركةً ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «أعظم النكاح بركةً أيسره مؤونةً»«وتزوجت امرأة على نعلين فأجاز نكاحها» وقال لرجل «التمس ولو خاتمًا من حديد فالتمس فلم يجد فزوجه على أن يعلمها شيئًا من القرآن» وقال له رجل «يا رسول الله إني تزوجت امرأةً على أربع أواق