[الخطبة الأولى في الحث على النكاح وتذليل العقبات التي تحول دونه]
الفرع الثامن
في النكاح الخطبة الأولى
في الحث على النكاح وتذليل العقبات التي تحول دونه إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك به وأشهد أن محمدًا عبده الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودةً ورحمةً إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. إن الزواج نعمة عظيمة مَنَّ الله بها على عباده ذكورهم وإناثهم أحله لهم بل أمرهم به ورغبهم فيه فقال سبحانه وتعالى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء: ٣] وقال النبي صلى الله عليه وسلم «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج»«وقال النبي في الرد على قوم قال أحدهم أنا أصلي الليل أبدًا وقال الثاني أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال الثالث أنا أعتزل النساء فلا أتزوج فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنتم الذين قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» . وكما أن النكاح سنة خاتم النبيين فهو كذلك سنة المرسلين من قبل قال الله عز وجل {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً}[الرعد: ٣٨] ففي النكاح امتثال أمر الله ورسوله وبامتثال أمر الله ورسوله حصول الرحمة والفلاح في الدنيا والآخرة. وفي النكاح اتباع سنن المرسلين ومن اتبع سنن المرسلين في الدنيا حشر معهم في الآخرة. وفي النكاح قضاء الوطر وفرح النفس وسرور القلب. وفي النكاح تحصين الفرج وحماية العرض وغض البصر والبعد عن الفتنة وفي النكاح تكثير الأمة الإسلامية وبالكثرة تقوى الأمة وتهاب بين الأمم وتكتفي بذاتها عن غيرها إذا استعملت طاقاتها فيما وجهها إليها الشرع.
وفي النكاح تحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم بأمته يوم القيامة فقد قال صلى الله عليه وسلم «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم يوم القيامة» . وفي النكاح تكوين الأسر وتقريب الناس بعضهم لبعض فإن