في شيء من مفاسد الزنا الحمد لله الذي أوضح لعباده طرق الهداية ويسر لهم أسباب النجاة والوقاية وأنزل كتابًا يشتمل على العلم والدراية وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في العبادة والولاية وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أيد الله به الدين ونصره بالحماية صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم القيامة وسلم تسليمًا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وتدبروا كتابه وتفهموا لمعانيه وصدقوا أخباره واعلموا بما فيه {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}[ص: ٢٩] إن كتاب الله لم ينزل للتبرك بتلاوته ولا لطلب الأجر بتلك التلاوة بل هذا جزاء مما نزل من أجله إنما الأهم أنه نزل كما سمعتم كلام منزله سبحانه وتعالى لتتدبروا آياته بالتفهم والتفكير والعلم ثم تتذكروا بالموعظة بما فيها من أحكام رشيدة وحكم بالغة فكم من قارئ للقرآن والقرآن خصم له يوم القيامة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم «والقرآن حجة لك أو عليك» فهما أمران لا ثالث لهما إما أن يكون القرآن حجة لك يحاج دونك حتى تبلغ به الجنة وذلك حين تعمل به تصديقا وتطبيقا وإما أن يكون حجة عليك حينما تعرض عنه ولا تعمل به.
أيها المسلمون إن من أحكام القرآن وهدايته الحث على التمسك بالأخلاق الفاضلة والآداب العالية والزجر عما يخل بالشرف والعفاف ومن أجل ذلك حرم الزنا وأخبر أنه فاحشة يستفحشه كل ذي فطرة قويمة وعقل سليم وحذر منه بعقوبة الدنيا والآخرة عقوبة الدنيا بالحد جلد مئة وتغريب عام أي تسفير عن البلد لمن كان غير متزوج والرجم بالحجارة إلى الموت لمن كان قد تزوج إن جريمة تؤدي إلى القتل لجريمة بالغة تعبر عن كون مرتكبها غير صالح للبقاء في المجتمع فهو جرثومة فاسدة يجب القضاء عليها حتى لا تفسد المجتمع كله.
وأما عقوبة الزنا في الآخرة فقد قال الله تعالى {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا - يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا - إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الفرقان: ٦٨ - ٧٠] وفي صحيح البخاري «أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في المنام ثقبا مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع فيه لغط وأصوات فاطلع فيه فإذا فيه رجال