للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية في شرح بعض أسماء الله الحسنى أيضا]

الخطبة الثانية

في شرح بعض أسماء الله الحسنى أيضا الحمد لله العلي الأعلى الكامل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أرجو بها النجاة من سوء المأوى وآمل بها الفوز بالنعيم المقيم والدرجات العلى وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه النجباء وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم المعاد والجزاء وسلم تسليما.

أما بعد أيها الناس اتقوا الله تعالى واعرفوا ما لله تعالى من الأسماء والصفات فإن معرفة ذلك زيادة في الإيمان وبصيرة في دين الله وعرفان، ولله تعالى تسعة وتسعون اسما من أحصاها دخل الجنة ألا وإن إحصاءها أن يعرف العبد لفظها ومعناها ويتعبد لله تعالى بموجبها ومقتضاها.

فمن أسمائه تعالى (الحي القيوم) وهو اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى فهو الحي الكامل في حياته حياة لم يسبقها عدم ولا يلحقها زوال فهو الحي الذي لا يموت وهو الباقي وكل من عليها فان، أما القيوم الذي قام بنفسه فاستغنى عن جميع خلقه وفي الحديث القدسي أن الله تعالى يقول: «يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئا يا عبادي: لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر ذلك بأني جواد واجد ماجد أفعل ما أريد عطائي كلام وعذابي كلام إنما أمري لشيء إذا أردته أن أقول له كن فيكون» وللقيوم معنى آخر وهو القائم على غيره فكل ما في السماوات والأرض فإنه مضطر إلى الله لا قيام له ولا ثبات ولا وجود إلا بالله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ} [الروم: ٢٥] ومن أسمائه تعالى (العليم) الذي يعلم كل شيء جملة وتفصيلا فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: ٥٩] {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحديد: ٤]

<<  <  ج: ص:  >  >>