للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الرابعة فيما يجب على الولي من اختيار الكفء وتزويج موليته به]

الخطبة الرابعة

فيما يجب على الولي من اختيار

الكفء وتزويج موليته به إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وأدوا الأمانة التي حملكم الله تعالى إياها فيمن ولاكم الله عليه من النساء لأن من حملكم إياها سوف يسألكم عنها وهو أعلم بما تبدون وما تكتمون فأدوا الأمانة فيهن لا تتحكموا في مصيرهن ومستقبلهن لا تجعلوهن بينكم بمنزلة السلع إن أعطيتم بها ثمنًا يرضيكم بعتموها وإلا أمسكتموها إن أمانة النساء فيكم وإن مستقبلهن في دِينِهن ودنياهن أعظم وأجل من أن تنظروا فيهن إلى المال وإلى لعاعة من العيش تتمتعون بها على حساب أمانتكم. إن الواجب عليكم أن تنظروا إلى ما فيه خير المرأة وسعادتها في دينها ودنياها في نفسها وفي أولادها. إن الواجب عليكم أن تختاروا لها في النكاح كل ذي خُلُق فاضل ودين مستقيم وأن لا تمنعوا خاطبها إذا كان كفئًا في دينه ورضيته من النكاح بها فإن ذلك تضييع للأمانة ووقوع في المعصية فقد جاء في الحديث: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» . إن في الحديث توجيهًا وإرشادًا إلى أن ينظر إلى الخاطب من ناحيتين فقط لا ثالث لهما هما الدين والخلق لأنهما الأساس الذي به صلاح الدين وسعادة الحياة فصاحب الدين صالح بنفسه مصلح لمن يتصل به. اتصال المرأة به خير وفلاح إن أمسكها أمسكها بمعروف وإن فارقها فارقها بمعروف لأن عنده من الدين والتقوى ما يمنعه من ظلم المرأة والمطل بحقها وصاحب الخُلُق مستقيم في أخلاقه مُقوِّم لغيره يتلقى أهله بالبشر وطلاقة الوجه ويُعَوِّدُهم بأقواله وحاله على مكارم الأخلاق ومعالي الآداب.

أيها المسلمون إن أهم ما تجب العناية به والنظر إليه في الدين سلامة العقيدة وإقامة الصلاة فأما سلامة العقيدة فأن يكون الرجل مؤمنًا بالله ورسوله لم يذكر عنه ما يدل على شكه

<<  <  ج: ص:  >  >>