للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثالثة في أمور أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم محذرا منها]

الخطبة الثالثة

في أمور أخبر بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ محذرا منها الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وأعطاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر، شهادة له بصدقه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وملكه، وحكمه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي بلغ ما أنزل إليه من ربه على أكمل وجه وأتمه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعه في هديه وسلم تسليما.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واحذروا أسباب سخطه وعقابه، وتوبوا إلى ربكم بالرجوع عن معصيته إلى طاعته وعن أسباب سخطه إلى بلوغ مرضاته. احذروا ما حذركم منه نبيكم ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنه الناصح الأمين المبلغ، فلقد حذركم ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أمور فيها هلاككم لتحذروها وبينها لكم لتعلموها وجاء عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ التحذير من أمور أصبحتم اليوم واقعين فيها أو في أكثرها. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إذا اتخذ الفيء دولا - والأمانة مغنما - والزكاة مغرما - وتعلم لغير الدين - وأطاع الرجل امرأته وعق أمه -وأدنى صديقه - وأقصى أباه - وظهرت الأصوات في المساجد - وساد القبيلة فاسقهم - وكان زعيم القوم أرذلهم - وأكرم الرجل مخافة شره - وظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور - ولعن آخر هذه الأمة أولها. فارتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخا وقذفا وآيات تتتابع كنظام قطع سلكه فتتابع» (رواه الترمذي) . وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند لكن له شاهد من الحديث، وشاهد من الواقع، فإن الخصال المذكورة في هذا الحديث صارت في زمننا حقائق مشهودة ملموسة فاستمعوا. الخصلة الأولى: اتخاذ الفيء دولا، والفيء ما أفاءه الله على المؤمنين فإذا صرف عن أهله المستحقين له إلى آخرين لا يستحقونه من أهل الشرف والجاه والغنى والقوة فقد اتخذ دولا قال الله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: ٧]

الخصلة الثانية: اتخاذ الأمانة مغنما وهذه ذات معان كثيرة منها أن يخون المؤمن في أمانته التي اؤتمن عليها فينكرها أو يتصرف فيها كما يتصرف الغانم في غنيمته.

الخصلة الثانية: اتخاذ الزكاة مغرما فيؤديها كأنها غرامة وضريبة خسرها لا يؤديها بطيب

<<  <  ج: ص:  >  >>