في مسؤولية الإمام والمأموم إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، وتعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله لتعبدوا ربكم على بصيرة وبرهان، فإنه لا يستوي الذين يعلمون لا يستوي من يعبد الله، وهو يعلم كيف يعبده، ويعلم أنه يعبده على شريعة الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن يعبده، وهو يجهل ذلك، ومتى علمتم حدود ما أنزل الله، فاتقوا الله في التزامها ما استطعتم، وطبقوها كما علمتم:{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}[آل عمران: ١٣٢] ولا تأخذكم في ذلك لومة لائم أو انتقاد منتقد: {أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}[التوبة: ١٣]
أيها الناس إن من حدود ما أنزل الله على رسوله حدود صلاة الجماعة حيث حد للإمام فيها والمأموم ما لم يكن محدودا في حالة الانفراد، وكل واحد منهما مسؤول عما يختص به. فمن مسؤوليات الإمام أن يحرص على إكمال الصلاة. بحيث تكون مثل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه رضي الله عنهم، فإنها أتم صلاة، وأخفها كما قال أنس بن مالك رضي الله عنه «ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة، ولا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، فالإمام لو صلى وحده لكان له الخيار بين أن يقتصر على أقل واجب في الصلاة، وبين أن يفعل أعلى مطلوب فيها، ولكنه إذا صلى بالجماعة، لم يكن مخيرا في ذلك، بل يجب عليه أن يراعي من خلفه بحيث يتمكنون من فعل أدنى الكمال في صلاتهم؛ لأنه لا يصلي لنفسه فحسب، وإنما يصلي لنفسه ولمن خلفه، فليتق الله فيهم، ولا يحرمهم من فعل أدنى الكمال خلفه، وإن ترقى إلى أن تكون صلاته كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فهو أكمل وأطيب.
ومن مسؤوليات الإمام أيضا أن يحرص على إقامة الصفوف وتسويتها بالقول وبالفعل إذا لم يفد القول.
فيأمرهم بتسوية الصفوف وإقامتها، ويؤكد ذلك عليهم، ويتوعدهم على مخالفتها، ويسويها بيده إن لم ينفع ذلك كما كان نبينا وإمامنا وقدوتنا يفعل ذلك، فعن أنس بن مالك