للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الخامسة في نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا]

الخطبة الخامسة

في نماذج من البيع المحرم وعقوبة الربا الحمد لله الذي أباح لنا من المكاسب كل تعامل مبرور ونهانا عن كل معاملة تشتمل على الغش والكذب والظلم والجهالة والغرور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الألوهية والربوبية والأسماء والصفات وتدبير الأمور، وأشهد أن محمدا عبده أهدى آمر وأبر مأمور صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم البعث والنشور وسلم تسليما.

أما بعد، أيها الناس: اتقوا الله تعالى، وتعاملوا فيما بينكم بالبر والصدق والبيان وإياكم والكذب والغش والكتمان، فمن تعامل بما حرم الله عليه فقد باء بالإثم والخسران، واعلموا أن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها. لقد فرض الله عليكم في معاملاتكم الصدق والبيان وحرم عليكم الكذب والكتمان، من باع سلعة وجب عليه أن يبين ما فيها من العيوب وأن يصدق فيما يذكره فيها من كل وصف مطلوب لا يذكرن فيها وصفا يرغب وليس فيها، مثل أن يقول إنها طيبة إنها جديدة وليست كذلك، فإن من فعل هذا فهو خاسر وإن ربح حطاما من الدنيا، أترضى أن تأخذ من مال أخيك بما كذبت عليه أما تخاف أن يتعلق بك يوم القيامة مطالبا بحقه حين لا درهم ولا دينار تعول عليه؟ إذا بينت عيوب سلعتك فأنت رابح وإن نقصت قيمتها لأنك امتثلت ما أمر الله وتركت ما حرم الله، رابح لأنك اكتسبت المال من طريق حلال، رابح لأنك خرجت من تبعتها وبرئت ذمتك من النكال والوبال ولن يفوتك شيء مما كتب الله لك من الرزق والمال، فإنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله تعالى وأجملوا في الطلب وإياكم والربا فإن الذين يأكلون الربا لا يقيمون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، يقوم الواحد منهم من قبره يوم القيامة يتخبط في قيامه كما يتخبط المجنون. آكل الربا ملعون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه، ألا وإن قلب الدين من الربا سواء فعل ذلك صريحا أو تحيل عليه مثل أن يقول لمدينه إذا حل دينه: إما إن توفي دينك وإما أن أصبر بزيادة دراهم في مقابلة صبره أو يتحيل على ذلك فيقول: استدن مني وأوفني أو اذهب إلى فلان واستدن منه وأنا أضمنك ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>