للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الحادية عشرة في الحث على الأُلْفَة بين المسلمين والمودة]

الخطبة الحادية عشرة

في الحث على الأُلْفَة بين المسلمين والمودة الحمد لله الذي جعل المؤمنين أخوة في الإيمان فكانوا في شد بعضهم بعضًا وتعاونهم كالبنيان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الرحيم الرحمن وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل الإنسان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليمًا.

أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى واعلموا أنكم أخوه في دين الله وأن هذه الإخوة أقوى من كل رابطة وصلة فيوم القيامة لا أنساب بينكم ولكن الأخِلَّاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين فنمّوا أيها المسلمون هذه الإخوة وقووا تلك الرابطة بفعل الأسباب التي شرعها الله لكم ورسوله اغرسوا في قلوبكم المودة والمحبة للمؤمنين فأوثق عُرَى الإيمان الحب في الله والبغض في الله ومن أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك. أيها المسلمون إن الأمة لا تكون أمة واحدة ولا يحصل لها قوة ولا عزة حتى ترتبط بالروابط الدينية حتى تكون كما وصفها نبيها صلى الله عليه وسلم بقوله المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا. لقد أرست الشريعة أسس تلك الروابط والأواصر فشرع الله ورسوله للأمة ما يؤلف بينها ويقوي وحدتها ويحفظ كرامتها وعزتها ويجلب المودة والمحبة.

شرع للأمة أن يسلم بعضهم على بعض عند ملاقاته فالسلام يغرس المحبة ويقوي الإيمان ويدخل الجنة قال صلى الله عليه وسلم والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم وخير الناس من بدأهم بالسلام فإذا لقي أحدكم أخاه المسلم فليقل السلام عليكم وليرد عليه أخوه بجواب يسمعه فيقول وعليكم السلام ولا يكفي أن يقول أهلًا وسهلًا أو كلمة نحوها حتى يقول وعليكم السلام ولا يحل للمسلم أن يهجر أخاه المسلم لأن ذلك يوجب الكراهة والبغضاء والتفرق إلا أن يكون مجاهرًا بمعصية ويكون في هجره فائدة تردعه عن المعصية فالهجر بمنزلة الدواء إن كان نافعًا بإزالة المعصية أو تخفيفها كان مطلوبًا وإلا فلا. قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار» . وقال صلى الله عليه وسلم «تعرض الأعمال على الله في كل اثنين وخميس فيغفر الله في ذلك اليوم لكل امرئ لا يشرك بالله شيئًا إلا امرءًا كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول اتركوا هذين حتى يصطلحا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>