في فضل الصلاة وكفر تاركها الحمد لله الذي فرض الفرائض على عباده من غير فقر إليهم، ولا احتياج، وأعطى القائمين بها أكمل الأجر وأفضل الثواب، وعاقب المعرضين عنها والمفرطين فيها بما يستحقونه من العقاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له من غير شك ولا ارتياب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث رحمة للعباد، أتم الله به النعمة على المؤمنين، وأصلح به أحوال الدنيا والدين، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الله تعالى رضي لكم دينا لم يرض لكم دينا سواه، رضي لكم الإسلام ومن يتبع غير الإسلام، فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين. رضي لكم الإسلام، وهو الاستسلام لله تعالى، والانقياد له ظاهرا وباطنا في العقيدة والقول والعمل، ليس الإسلام عقيدة فحسب، ولكن الإسلام عقيدة، وقول، وعمل، إن الإسلام كما لا يكون بالعمل وحده لا يكون كذلك بالعقيدة وحدها. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام» . يقول: بني الإسلام، ومعنى ذلك أن هذه الأصول هي دعائم الإسلام التي لا يمكن أن يقوم إلا بها، كما لا يقوم البناء إلا بأساسه.
أيها الناس من هذا الحديث يتبين لنا أن الصلاة ركن من أركان الإسلام بل هي ركنه الأعظم بعد الشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. ولقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها عمود الدين حيث قال:«رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله» . هذه الصلاة التي فرضها الله على رسوله، وعلى أمته:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء: ١٠٣] كتابا أي: فريضة موقوتا، موقوتا بوقت لكل صلاة وقتها التي لا تصح إلا فيه إلا أن يكون، ثم عذر الصلاة التي فرضها الله على رسوله مباشرة بدون واسطة