للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية في بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته ووفاته]

الخطبة الثانية

في بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

وهجرته ووفاته الحمد لله الذي أرسل رسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما مزيدا.

أما بعد أيها الناس: اتقوا الله تعالى واحمدوا ربكم على ما أنعم به عليكم من بعثة هذا النبي الكريم الذي أخرجكم الله به من الظلمات إلى النور وهداكم به من الضلالة وبصركم به من العمى وأرشدكم به من الغي فلله الحمد رب العالمين.

لقد بعثه الله تعالى على حين فترة من الرسل على رأس الأربعين من عمره فجاءه الوحي وهو يتعبد في غار حراء وهو الغار الذي في أعلى الجبل المسمى جبل النور شرقي شمال مكة على يمين الداخل إليها فأول ما نزل عليه قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ - خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ - اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ - الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ - عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ١ - ٥] ثم ذهبت به خديجة إلى ورقة بن نوفل وكان ورقة قد دخل في دين النصارى وعرف الكتاب فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل له من الوحي فقال ورقة يا ليتني فيها جذعا يا ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أومخرجي هم. استبعد صلى الله عليه وسلم أن يخرجه قومه من بلاده فقال: نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم أنزل الله تعالى على رسوله بعد أن فتر الوحي مدة: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: ١ - ٥] فقام صلى الله عليه وسلم بأمر ربه فبشر وأنذر وكان أول من أجابه من غير أهل بيته أبو بكر رضي الله عنه وكان صديقا له قبل النبوة فلما دعاه صلى الله عليه وسلم بادر إلى التصديق به وقال بأبي وأمي أهل الصدق أنت أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصار من دعاة الإسلام حينئذ فأسلم على يديه عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم ومكث صلى الله عليه وسلم يدعو الناس

<<  <  ج: ص:  >  >>