في صفة الصلاة الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى، وأقيموا الصلاة، فإن الصلاة عمود دينكم، ولن يقوم البنيان بدون عموده، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، أقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. أقيموا الصلاة كما أمرتم صلوا كما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. أسبغوا الوضوء، واستقبلوا القبلة، قوموا لله مخلصين، فاستقبلوا وجهه بقلوبكم وبيته بأبدانكم، واعلموا أن الله قبل وجه المصلي، اطمئنوا في صلاتكم، لا تصلوها وأنتم عجالى، فلا صلاة بدون طمأنينة. «دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فصلى صلاة لا يطمئن فيها، ثم جاء، فسلم على النبي، فرد عليه السلام، وقال:" ارجع فصل فإنك لم تصل ". فرجع، فصلى كصلاته الأولى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:" ارجع فصل فإنك لم تصل ". ثلاثا ردده النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا لعله يقيم صلاته، ولأجل أن يزداد شغفه بتعليم النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا، فعلمني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا قمت للصلاة، فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة، فكبر، ثم أقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تطمئن قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها» .
أيها المسلمون إن من صلى بدون طمأنينة فلا صلاة له، وإن صلى مئة مرة، كما قال رسول صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل:«ارجع فصل فإنك لم تصل» .
اقرأوا الفاتحة في كل ركعة، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، واقرأوا معها في الفجر سورة من طول المفصل وفي المغرب من قصاره أحيانا ومن طواله أيضا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما قرأ في المغرب بسورة طويلة قرأ مرة بالأعراف، ومرة بالصافات، ومرة بحم الدخان، ومرة بسورة محمد، ومرة بالمرسلات. واقرأوا في الظهر والعصر والعشاء الآخرة من أوساط المفصل.